على هامش مسلسل عمر

السبت، 7 يوليو 2012




 يدور نقاش شديد حدّ الاحتقان بين المختلفين على هامش مسلسل عمر في كثير من البرامج والوسائل الإعلامية و يحتدم نقاش أسخن منه في تويتر وغيره 

ومن هذا الهامش الحواري "المحتقن عند البعض" سجلت المشاهد التالية:
1-   حفلات تعارف أم نقاش فقهي:
النقاشات الخلافية أشبه بحفلات  التعارف التي تقيمها بعض الشركات والمؤسسات الكبرى التي يدعى لها منسوبيها والتي عند بدأها يتجمع الأصدقاء ليجلسوا مع بعضهم ولا يحاولون التعرف على أحد فتفقد حفلة التعارف قيمتها الأصلية المبنية على التعارف بين أشخاص جدد...وكذلك يفعل المشاهدون والمتابعون في تويتر فكل واحد ينحاز لأصدقائه ليكمل حفلته معهم.وكلما دخل واحد على الخط اصطف مع أصدقاءه الذين هو معهم على طول الخط .
2-المانعون والمجيزون محبون للصحابة لا نشك في ذلك :
لا يمكن الاختلاف على هذا فالمانعون من مسلسل عمر بن الخطاب يريدون حماية سيرته من الابتذال والتزوير وتجسيد صورته ويرون ذلك محرما...والمجيزون يريدون تقريب شخصية عمر للمشاهد لعل وعسى أن يُقتدى به من خلال بناء درامي والاستفادة مما وصلت إليه التقنية السينمائية مع ضعف الجيل الحالي عن القراءة وحضور ثقافة الصورة بشكل لافت.
وهنا يجب ألا يصل الطعن بين أتباع الفريقين في دينهم أو إيمانهم أو تأويل النوايا ويجب التركيز على لب القضية.
3-الخلاف بين الواقع والمأمول:
المانعون يتحدثون عن واقع ملموس يرون شواهد عليه من الواقع لا تعطي أي بارقة تفاؤل لما سيكون عليه مسلسل عمر بن الخطاب وخاصة تحت ظل مؤسسة mbc  التي منذ عرفناها وهي على خطة لا تسر إلا العدو، والمجيزون إنما يتكلمون عن مستقبل مأمول يريدون أن يصلوا إليه ولا أظن سياسة مؤسسات الإنتاج التجارية mbc  ولا غيرها تساعدهم عليه.
4- الخلاف ليس في تجسيد الصحابة فقط:
المانعون لمسلسل عمر يتحدثون عن أمور كثيرة جدا تتداخل فيما بينها ليصلوا إلى المنع(انظر على سبيل المثال ما كتبه عبدالعزيز الحربي)...بينما المجيزون يبحثون في مسألة تجسيد الصحابة على أنها هي محل الخلاف وبناء على ذلك يبنون رأيهم في العمل وفي هذا حيدة كبيرة عن المعنى المقصود للمفسدة المتوقعة للعمل التي يرى المانعون أنها مستمرة من حيث استهانتها بشخص الصحابي .فكيف إذا انضاف لها مفاسد أخرى ؟ وكيف إذا رأينا أعمالا أخرى لنفس المنتج التجاري تثبت اصراره على المفسدة المتوقعة .

5- الخلاف مصطنع :
 مسألة تجسيد الصحابة ينبغي ألا تكون مثار تهاون من قبل علماء أفراد ذوي اجتهادات فردية وخاصة أن بعضهم ليس له قبول لدى جميع المسلمين وإن حاول البعض تصديره وجعله إماما.. ومسألة تجسيد الصحابة قد صدرت فيها فتاوى من مجامع فقهية وعلماء أجلاء فلماذا يطرح الخلاف الآن بحجة أن الفتاوى صدرت قبل عشرين عاما مع أن الواقعة لم تختلف كثيرا وإنما الذي اختلف كثيرا هو أفكار بعض الإسلاميين الحركيين .
6-ما البديل؟
ألا يجب أن يحفزنا هذا الخلاف حول مسلسل عمر على أن نبحث في ابتكار البدائل وهنا ينبغي أن يكون مجال العمل والحشد والتجييش للأتباع.وهذا هو ما ينبغي أن يفعله الجميع ولو من باب التأصيل له والبدء في الخطوة الأولى لابتكار البدائل المؤصلة شرعا.لا استفراغ الوسع في تأصيل جواز تجسيد الصحابة مع التعامي عن أن من سيقوم بالعمل هم من رواد الإنحلال في العالم الإسلامي .
7-ضغط واقع الدراما العالمية إلى متى؟:
أخشى على كثير ممن يناقش الموضوع أنه منطلق من مصيدة ضغط واقع الدراما العالمية  إذ تجعلهم ينطلقون  كردّة فعل وهذا مما ينبغي ألا ننهزم له فكم من المسائل التي نعرفها جميعا مما تعملها الأمم الأخرى ونرى نحن تحريمها في الإسلام  أوضح من شمس النهار .
ولا ينبغي أن تكون الدراما العالمية ولا الإيرانية سائقة لنا في مجال نرى حرمته خاصة في ما يتعلق بتجسيد الأنبياء والصحابة... وإذا أبيتم إلا الدراما فصمموا لنا دراما تتجاوز المحاذير الشرعية وهاأنتم تملكون رؤوس الأموال ولديكم مؤسسات إعلامية ومتخصصون كما أنه مجال واعد بالأرباح من الناحية التجارية.
8-دخول المجيزين من طلبة العلم مع مؤسسات الدراما "المنحرفة" مشكلة كبيرة في حدّ ذاته إذ جعل ما تقوم به جائز شرعا مما يتيح نشره بين المسلمين .
 ألا يذكرنا هذا بأزمة سوق الأسهم وأزمة القروض البنكية التي زادت حدتها بعد دخول الشرعيين فيها.وقد كنا في عافية حتى دخل فيها طلبة علم فسهلوا للبنوك اصطياد فرائسهم بدعوى اللجان الشرعية التي لا نشك في ديانة أعضائها ولا في تقواهم لكن المؤسسات التجارية تعلن شيئا وتعمل أشياء أخرى وحرص المؤسسات التجارية على طلبة العلم للتسويق التجاري أكثر منه للالتزام بالضوابط الشرعية التي يضعونها للعمل...وفي مسلسل عمر بن الخطاب صرح أعضاء هذه اللجان أنهم ليس لهم دور سوى المراجعة التاريخية وتقديم الاقتراحات فما أشبه الليلة بالبارحة.فكم وقع في مصائد البنوك من أفراد بسبب رؤيتهم لأسماء علماء يثقون بهم ... وكم سيشاهد مسلسل عمر "على عجره وبجره" أفراد بسبب ثقتهم بأسماء العلماء الذين شاركوا في مراجعة نصه.
وكم تساءلت لم لا تتم الاستفادة من الدراما من قبل هؤلاء العلماء كمشارك أصيل ولم لا يقومون ببناء العمل من مراحله الأولى ولماذا نبقى دائما لا نتدخل إلا في مراحل لاحقة  من باب تخفيف المفاسد وتقليل الشرور، فمتى نكون نحن من يبني الخير؟
وأنا هنا لا أعني أن لا يدخل العلماء و طلبة العلم في بحث حاجات الناس وتأصيلها فهذه أحدى واجبات العلماء ، إنما أردت ألا يكونوا مجرد مستشارين تكيف تلك المؤسسات التجارية مشاركتهم حسب ما تريده هي فقط . وإذا كنا بكينا طويلا من علماء السلطان ، فأرجو ألا نبكي في المستقبل من علماء الشركات الكبرى.ولله الأمر من قبل ومن بعد.
9-ويل لنا من غلاة الديمقراطية:
دخل على خط الخلاف الفقهي-المصطنع- للمسلسل بعض الإسلاميين من غلاة الديمقراطية الذين يرون حق الشعوب في اختيار ماتريده بالأغلبية فلما كانت غالبية الناس والعلماء كارهة لهذا العمل انقلبوا على ديموقراطيتهم .
فلماذا ترددوا في هذه المسألة التي خالفت فيها الأغلبية هواهم حتى رأينا بعضهم يصم هذه الأغلبية بقبيلة التحريم ثم يصب عليهم كل معاني الجمود والتخلف والوقوف في وجه التحديث.وآخر من هؤلاء يحصر الخلاف في اسم شيخه  ويرى أن الممانعة القائمة ضد بث مسلسل عمر إنما قامت لأن شيخه كان أحد المؤيدين للمسلسل ولولا وجود اسمه ضمن العمل لما تكلم هؤلاء الممانعون . مع أن الممانعون أكثر عددا وأوفر حظا في الفتيا من المجيزين .فمتى يطبق غلاة الديموقراطية ديموقراطيتهم؟  وكم يتملكني العجب والدهشة من  سيكولوجية المغالبة والصراع التي يتحلى بها البعض حتى تجعله يتخلى عن مبادءه التي ينادي بها. 
10-كلمات مهمة في الموضوع:

كتب بعض الأخوة كلمات مهمة توضح جوانب مهمة يتغافل عنها كثير من المجيزين ومنها:
  -( بقاء الأمر على التحريم دون شائبة أولى من إباحته والانشغال بتطهيره من الشوائب ). 
لعبدالعزيز الحربي في مجموعة عبدالعزيز قاسم.
-(القضية الرئيس في مسلسل الفاروق هي الثقة في المنتج..؟ وهل تاريخ المنتج وعلاقته بالثقافة الإسلامية وموقفه من الأطروحات المغذية لأسلمة المجتمع تمنحه الثقة أن يناقش الفاروق, رمز الحكم الإسلامي والمغذي للحياة الإسلامية وفاتح البلدان مغيرا دينها وحكمها..؟ هذه محل النقاش بل عين العاصفة!!.) عادل أحمد الماجد - منتج مسلسل الفاروق في عين العاصفة- موقع المثقف الجديد.
-(من ذلك يتضح أنه لا علاقة بين النص المكتوب وبين ماقد يصل للمشاهد حين يتحول النص لعمل سينمائي .فالرسائل التي يوجهها العمل السينمائي للمتلقي تعتمد على السيناريو والإخراج بالدرجة الأولى وليست  على النص .) عبدالله القرقاح -لعبة الدراما -موقع رؤى فكرية.
-(حراك .. مدرسة المفاوضات الفقهية ) عبدالرحمن عبدالله الصبيح.
-تغريدات الشيخ محمد المنجد .
-تغريدات الشيخ لطف الله خوجه .
وفيها مزيد توضيح وبيان لأسباب قد تخفى على كثير ممن يتكلمون في العمل أو ينظرون لجانب واحد مشرق ويتعامون عن الجوانب الأخرى المظلمة.


وختاما فإننا نريد أعمالا تقرب سير الأنبياء والصحابة والأولياء للأجيال ونريد الاستفادة من الدراما والتقنية الحديثة ونريد كل ما فيه فائدة وحكمة ولكن ليكن ذلك من تخطيطنا وصنعنا وعمل أيدينا وتفعيل مواهب شبابنا وبمشاركة تجارنا الخيرين وعلمائنا الناصحين ويكون مما نثق جميعا أنه يرضي الله عز وجل ، لا أن نبقى دائما في موقف المنتظر للآخرين ولو كانوا ممن لا يهتمون إلا بالثراء المادي ولو كان من باب أكل الدنيا بالدين !.
ولتكن المبادرة الآن من ذوي الشأن وأصحاب القدرة والله يتولى الصالحين والناصحين.

كتبه أبو بكر بن محمد
 1433/8/22هـ
@abubaker_m

  

0 التعليقات :

إرسال تعليق

 
بوح قلمي ،،، أبو بكر بن محمد | by TNB ©2010 وتم تعريب القالب بواسطة مدونة نصائح للمدونين .