تلفت يمينا ويسارا في صفحات الشبكات الاجتماعية التي كان لها شأن في عصرنا هذا سيؤرخ للأجيال حينما صنعت في أيام معدودات ما عجزت عنه همم الرجال في قرون من الزمان وكل ذلك بأقل جهد ماعدا شيء من حركة الأنامل السريعة على الكيبورد تدعمه عقول متقدة وحماس للفكرة ، فتذكرت أثناء سياحتي هذه في مجاهل النت وتقليب الفيس بوك والتويتر أبا الطيب المتنبي حينما سحرته جولته في شعب بوان فرفع عقيرته بلوحة ساحرة قلما وجدت لها مثيلاً في ديوان العرب:
مغاني الشعب طيبا في المغاني = بمنزلة الربيع من الزمان
ولكن الفتى العربي فيها = غريب الوجه واليد واللسان
ملاعب جنة لو سار فيها = سليمان لسار بترجمان
تحل به على قلب شجاع = وترحل منه عن قلب جبان
ولكن الفتى العربي فيها = غريب الوجه واليد واللسان
ملاعب جنة لو سار فيها = سليمان لسار بترجمان
تحل به على قلب شجاع = وترحل منه عن قلب جبان
ولقد سرت في نفسي مشاعرالغربة التي وصفها المتنبي مع فارق العالمين إذ عاشها في عالم الطبيعة الخلابة وعشتها في العالم الافتراضي .
وكلما رأيت فوائد هذه الشبكة العنكبوتية وشبكات التواصل الاجتماعي التي قربت البعيد واختصرت الزمان وذللت عوائق قلة ذات اليد واستغنت عن الحاجة إلى تمويل باهظ التكلفة لأنماط التواصل الاجتماعي التقليدية التي عشناها زمنا طويلاً فيما مضى، كلما رأيت ذلك سرت في نفسي أحاسيس السعادة التي لا يعكر صفوها سوى ما أضطر للقياه أثناء تجولي في عالمي الافتراضي من عادات مبتكرو الانترنت وتوابعها ومروجوها من أفكار مادية وتهتك أخلاقي وما يخالف عاداتي وديني الذي يأمرني بغض البصر والاحتشام في القول والعمل ويحرم علي مسالك الغيبة والنميمة وإشاعة البغضاء وكثرة القيل والقال.
وكم تمنيت أن يسخر الله لنا من رجال الأعمال والتجار من يسهم بأمواله في بناء شبكة اجتماعية عربية اليد واللسان تعيننا على حفظ أنفسنا وأبنائنا من غوائل الحضارة الغربية التي وقفنا على أعتابها نتسول منها خيراً قليلاً خالطه شرٌّ مستطير من آثام وأخلاق وفلسفات منها ما نتكلم به علناً ومنها ما نستخفي به حين ممارسته عن أعين الناس والله عليم بما يسرون ويعلنون.
فليت أن علمائنا ودعاتنا ورجال التأثير في أمتنا يسعون في تدشين مشروع إنشاء شبكة عربية مسلمة متكاملة نستغني بها عن فتات موائد الغرب لينهض بدعوتهم أصحاب الأموال والتجار فتنشأ مؤسسات كبرى لإقامة هذا المشروع الذي لن نحتاج لإنشائه سوى رؤوس الأموال وتنظيم أعماله وإدارته إذ يتوافر لدى العرب والمسلمين مهندسين ومبرمجين عالميين يمكن الاستفادة من خبراتهم ولا يحد من نشاطهم سوى قلة ذات اليد وعدم وجود المحاضن التي تتولى رعاية ابتكاراتهم.
ومن حيث المحتوى فلا ينقصنا شيء وجولة في الانترنت تغني عن كثرة الشرح.
أضف إلى ذلك المخاطر الأمنية وهواجس الجاسوسية والهيمنة الأمريكية على الشبكة العالمية وما قصص البلاك بيري ومنع قوقل في الصين وقدرة الأيفون على التجسس والدعاوى المرفوعة على مايكروسوفت قبل سنوات سوى جزء صغير من رأس جبل الجليد القابع تحت السطح.
وقد رأيت بعض المحاولات لمنظمات عربية لكنها تبقى قاصرة وذلك لضعف إمكاناتها المادية أو خضوعها لتوجهات معينة.ونحن نريد رابطة جامعة تمثل العرب جميعاً ولا تقتصر على فئة محددة .
وهذا المشروع يستدعي معه العناية بإنشاء مشروعات تابعة لصناعة مكونات الشبكة والسيرفرات وما يتبعها من احتياجات والمشاريع الضخمة تبدأ دائماً صغيرة والحقائق المبهرة كانت ذات يوم أحلاماً وردية.
وحتى يأذن الله بنشوء شبكة كبرى عربية مسلمة تلم شعث شعوب العرب المتناثرة في بلاد العالم الغربي الافتراضية سيبقى تجوالنا محفوفاً بمخاطر ذوبان الأخلاق الإسلامية الأصيلة وصفات العرب الجميلة لدى أجيالنا القادمة التي افتقدت في نشأتها لمحاضن عربية ومسلمة خالصة لم تخضع لمؤثرات الحضارة الغربية قبل ثورة التواصل العالمي وموجات العولمة الحديثة.
كتبه/ أبو بكر بن محمد
1432/4/19هـ
0 التعليقات :
إرسال تعليق