شركاؤنا في التربية كيف نضبطهم؟
الإنسان مخلوقٌ مُكرَّم ميَّزه الله عن جميع الكائنات، وجعله في الأرض خليفةً، وأعدَّه لأعظم مهمة وهي عبادته سبحانه وتعالى، وعمارة الكون بما يُحقِّق هذه المهمة.
ومن خصائص هذا الإنسان أنه الأطول طفولةً بين الكائنات، فلماذا؟
حيث تبلغ طفولة الإنسان 12عامًا على أقل تقدير، بينما كثير من الكائنات تستقل بمجرد خروجها للحياة؛
لأن الإنسان مختلف في كل شيء: نموه الجسدي، ونموه العضلي، وحاجته للرضاعة، وحاجته للبناء النفسي، وحاجته للتربية والتعليم، ومن هنا طالت مدة طفولته، وهذه الطفولة فترة طويلة نسبة إلى عمره الذي يُقدَّر بسبعة عقود؛ حيث يقضي سُبعها طفلًا؛ لتتكون فيها أسسُ شخصيته، وملامحه النفسية والعقلية والاجتماعية والسلوكية، بما يتوافق مع المهمة التي خُلِق من أجلها، والتي كرَّمَه الله من أجلها، ورفَعه على سائر الكائنات وسخَّرها له.
ومن ميزات هذا الإنسان المكرَّم على غيره من الكائنات الأخرى: أن تلك الكائنات تعتمد في سلوكها على غريزتها، بينما يعتمد الإنسان في سلوكه على خبراته المتعلَّمَة والمكتسبة، وكلما كانت خبراته أثرى وتربيتُه أحسنَ، كان سلوكه أرقى، ومن هنا تأتي أهمية التربية والتنشئة.
وأثر التنشئة على الإنسان لا يخفى؛ إذ كل خصائصه إنما اكتسَبها عن طريق التنشئة التي يمارسها مَنْ حوله لتربيته، فمن خلالها اكتسب لُغتَه ومعارفه ودينه وأخلاقه، واتِّزانه النفسي، ومما يتميَّز به الإنسان أنه يتشرَّب من خلال التنشئة والتربية المشاعرَ والسلوكَ والتعاطُفَ مع مَن يتلقَّى منه، وهذا ما تؤكِّده الدراسات النفسية الحديثة فيما يُسمَّى مرايا الدماغ، وهي مجموعة من الخلايا في مقدمة الدماغ تُسمَّى "أعصاب المرايا"، تعمل على القيام بأمور التقليد والمحاكاة، وفي نفس الوقت تتبنَّى وجهة نظر الشخص الذي تُقلِّده، وهي كذلك تُفسِّر اختصاص الإنسان بسرعة استيعاب السلوك ومحاكاته، وتقليده بشكل يستحيل وجوده عند غيره من الكائنات بنفس القدرة والسرعة.
وعند الحديث عن التنشئة وأثرها في بناء شخصيات أبنائنا، نذكر أن هنالك شركاءَ آخرين يُؤثِّرون فيهم؛ مثل: المدرسة، والمسجد، وجماعة الأصدقاء، ووسائل الإعلام بدرجات متفاوتة، وهؤلاء الشركاء تختلف قوةُ تأثيرهم بحسب المرحلة العمرية، فيُلاحظ أن ما دون خمس سنوات يكون فيه التأثير شبه الكامل للوالدين والأسرة، ثم من 6-12 يدخل مع الأسرة الشركاء الآخرون؛ مثل: المدرسة والإعلام والمسجد، وكذلك الأصدقاء بدرجة قليلة، وبعد ذلك يقوى دورُ الأصدقاء في مقابل انخفاض دور الأسرة والمدرسة حتى يبلغ الشابُّ 25 سنة تقريبًا؛ حيث يكون أبلغ مدى لتأثير الأصدقاء، ويكون ذلك أكثر من غيرهم من الشركاء في التأثير، وقوة تأثير الأصدقاء نابعةٌ من المحبَّة والتوافُق الفكري والاهتمامات المشتركة؛ وإنما سُمِّي الخليل خليلًا لذلك:
قد تخلَّلْتَ مسلك الرُّوح مني *** وبذا سُمِّي الخليلُ خليلَا
ومن هنا جاءت وصية النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرْءُ على دِينِ خَلِيلِه، فَلْيَنْظُرْ أحدُكم مَنْ يُخالِل)).
لكن مع ذلك يبقى أقوى أثر للوالدين والأسرة التي لها فضل البداية والتعاطُف والمودَّة، وأقوى مشاعر الانتماء.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من مولُودٍ إلا يُولَد على الفِطْرة، فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرانه أو يُمجِّسانه))، في بيان لأثر الوالدين في ترسيخ الديانة، وقد ذكرتْ بعضُ الدراسات أن معظم الناس يموتون على دين النشأة التي تلقَّوها في بداية عمرهم.
ومما يُبيِّن أهمية دور الوالدين قول الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200]، وغالبًا ما يكون الوالد أشفقَ الناس على ولده؛ كما قال الشاعر:
وإذا رَحِمْتَ فأنت أمٌّ أو أَبٌ *** هَذانِ في الدُّنْيا هما الرُّحَماءُ
شركاء التربية اليوم، مَن هم؟
كل ما ذكرناه فيما سبق كان واضحًا إلى ما قبل عقدين من الزمان؛ حيث دخل علينا شركاءُ آخرون أشدُّ تأثيرًا وأقوى من كل أولئك السابقين، وهم القنوات الفضائية التي نقلت عملية التنشئة والتربية إلى أبعاد أخرى تكاد تُصادِم دور الأسرة! ثم جاء ما هو أشد تأثيرًا من كل أولئك وهو "الإنترنت" بجميع وسائطه من المواقع والألعاب ووسائل التواصُل الاجتماعي، فأصبح الأخِلَّاء والأصدقاء الافتراضيُّون أقوى تأثيرًا من غيرهم، وإذا كانت الأُسَر تخاف على أبنائها من الشوارع، فمنَعتهم منها، ثم خافت عليهم من الأقارب والجيران، فمنعتهم منهم، فهي اليوم لا تستطيع منعَهم من العالم الافتراضي الذي دخل معهم إلى مخادِعِهم ومهاجِعِهم! وهذا حوَّل عملية التربية والتنشئة من عملية اجتماعية طبيعية إلى تَحَدٍّ مستمر طول الوقت بما هو أكبر من قدرة الوالدين، وكل مَنْ تُحدِّثه من الآباء يستطيع أن يُعطيَك عشرات من الأمثلة اليومية التي تُؤرِّقه أثناء جهوده اليومية، وهذا يُغنينا عن الاستفاضة في ذكر المساوئ والسلبيات التي يعرفها الجميع، ومن باب التمثيل نُذكِّركم بقضايا عانى منها المجتمع، واتَّفق الجميع على أن مصدر دخولها الرئيسي كان عبر بوابات الإنترنت؛ مثل:
♦ الإلحاد.
♦ الألعاب المدمِّرة؛ مثل: الحوت الأزرق.
♦ المخدِّرات الإلكترونية.
♦ برامج التواصُل الاجتماعي.
♦ مشاهير اليوتيوب.
♦ الألعاب (القيمرز).
♦ أفلام الكرتون المسيئة.
♦ الأفلام المنحلَّة والإباحية.
وهذه من أبرزها، وبالرغم من أنها نماذج صارخة ومؤذية، فإنها واقع مُشاهَد وملموس، حتى من لا يذهب إليها ولا يبحث عنها، تأتيه هي وتبحث عنه!
وهنالك عددٌ كبير من الظواهر الأخرى التي تَجاوزتُها حتى لا أُطيلُ عليكم، وخطورة هذا الشريك في تربية أبنائنا (الإنترنت)، تكمُن في وجوده معهم في كل مكان، حتى على أَسِرَّتهم، وفي غُرف نومهم، وتَجدُّده المستمر وتشويقه وإغرائه، وتحريكه للغرائز، وحديثه الصريح لهم، وتمكُّنهم من اختيار ما يريدونه، وإلغاء ما يمَلُّونه، واستثماره لجميع حواسِّهم عند بثِّه لرسائله، وتنوُّعه، وثرائه، وإعطائهم مجالًا لمعرفة ثقافات العالم وأحداثه اليومية...إلخ.
وكل واحدة مما سبق تُعَدُّ تَحدِّيًا كبيرًا لإمكانات الأسرة ولقدرات الوالدين التربوية! لذا سيكون تركيزي على ذكر بعض الحلول المساعدة للوالدين وللمربِّين لحاجتنا لها أكثر من حاجتنا لاستعراض المشكلات التي قد تختلف ألوانها، لكن علاجها غالبًا سيكون مشتركًا، وقد ذكرنا في بداية حديثنا قضية طول طفولة الإنسان وحاجته للتقليد والمحاكاة، وهذا قد يكون أهمَّ عنصر يجب أن يُركِّز عليه الوالدان والمربُّون، لكن قبل ذلك لا بد من:
1- وجود تفاهم تربوي وخطة مشتركة من الوالدين والمربِّين الآخرين؛ حتى لا تتعارض مصادر الأوامر والقوانين لدى الأطفال.
2- وجود قوانين أُسْريَّة ثابتة، وتكون واضحةً لدى الأبناء، ولا تكون الأوامر والقضايا أو العقوبات والحوافز بطريقة مزاجية، أو متردِّدة؛ لأن ذلك يهدِم البناء الأخلاقي ويَجعله غامضًا، والأطفال يحتاجون إلى الوضوح الكامل؛ حتى يستوعبوا ما يدور حولهم.
وهذا يعني أن يكون النظام واضحًا يعرفونه جميعًا، وليس بشكل مزاجي أو مُتغيِّر بحسب أمْزجتنا، أو تعرُّضنا للضغوط!
3- القدوة الودود:
لا بدَّ من عرض نموذج سلوكي جيد وودود؛ حتى يُحاكيه الطفل، وهذا يقتضي عناية خاصة من الآباء منذ ولادة الطفل يَمنحون فيها الودَّ غير المشروط لطفلهم، بعيدًا عن مقارنته بغيره، وبعيدًا عن طبيعة مرحلته العمرية التي تكثُر فيها أخطاؤه، وغالبًا تكون غير مقصودة.
إن بذل المحبة والمودة للأبناء لا يَعني تركهم يفعلون ما يشاؤون، ولكنه يعني تعليمهم بحزمٍ ومودة، وتقبُّلهم كما هم وليس كما نتخيَّل، وإعطاءَهم ما يستحقُّون من الدعاء والثناء على مسامعهم، وإظهار المودة لهم بشكل مستمر وبشكل مُتَّزن.
ومعرفة الفروق فيما بينهم للتعامُل معهم بما يتناسب مع حاجاتهم وإنجازاتهم هم، وليس حاجاتنا نحن وإنجازات غيرهم! والصبر عليهم مرة بعد أخرى مع استمرار التوجيه بلُطْف والتذكير بحزمٍ، فالقاعدة هنا عدم السكوت على الخطأ لكن تصحيحه، وتعديله يكون برفق ومودة؛ فيكون هنالك كره للسلوك الخاطئ، ويبقى مع ذلك الودُّ لمرتكبه، وهذا مثال تربوي نبوي يوضح ذلك:
عن خَوَّات بن جُبير قال: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ الظَّهْران، قال: فخرجتُ من خِبائي، فإذا أنا بنسوة يتحدَّثْنَ، فأعجبْنَني، فرجَعتُ فاستخرجتُ عَيْبتي، فاستخرجتُ منها حُلَّةً فلبِستها، وجئتُ فجلستُ معهن، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قُبَّتِه، فقال: ((أبا عبدالله، ما يُجْلِسُكَ مَعَهُنَّ؟))، فلمَّا رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم هِبْتُه واختلطْتُ، قلت: يا رسول الله، جَمَلٌ لي شَرَد، فأنا أبتغي له قيدًا، فمضى واتَّبعته، فألقى إليَّ رِداءَه، ودخل الأراك، كأنِّي أنظُر إلى بياض مَتْنه في خضرة الأراك، فقضى حاجته وتوضَّأ، فأقبَل والماء يسيل مِن لحيته على صدره، أو قال: يَقطُر مِن لِحيته على صدره، فقال: ((أبا عبدالله، ما فعَل شِرادُ جَمَلِك؟))، ثم ارتَحَلنا فجعَل لا يلحقني في المسير، إلا قال: ((السلام عليك أبا عبدالله، ما فعَل شِرادُ ذلك الجمل؟))، فلما رأيتُ ذلك تعجَّلْتُ إلى المدينة، واجتنَبت المسجد والمجالسة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما طال ذلك تحيَّنت ساعة خلوة المسجد، فأتيتُ المسجد فقمتُ أصلِّي، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره فجأةً، فصلَّى ركعتين خفيفتين، وطوَّلتُ رجاءَ أن يذهَب ويدَعني، فقال: ((طوِّلْ أبا عبدالله ما شئتَ أنْ تُطَوِّلَ، فلستُ قائمًا حتى تنصرِفَ))، فقلت في نفسي: والله لأَعتذِرَنَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأُبَرِّئَنَّ صدرَه، فلما قال: ((السلام عليك أبا عبدالله، ما فعَل شرادُ ذلك الجمل؟)) فقلت: والذي بعثَك بالحقِّ، ما شرَد ذلك الجملُ منذ أسلَم، فقال: ((رحِمَك الله ثلاثًا، ثم لم يَعُدْ لشيء ممَّا كان)).
4- التكرار المشوق غير الممل:
والتكرار هو أحد أهم التقنيات التي تُستخدَم لغرس القيم والاتِّجاهات؛ ولذا تجد الإعلانات التجارية تستخدمه بشكل دائمٍ مع إضفاء التشويق عليه؛ يقول أيوب السختياني: "عوِّدُوا أبناءكم الخير؛ فإن الخير عادة"، وهذه قاعدة مهمة تشمل المحتوى والأسلوب؛ المحتوى: الخير، والأسلوب: العادة، وهي بمعنى التكرار المناسب، ولنحذَر الإملال عند قيامنا بالتَّكرار، كما ينبغي أن نُعطِي كل سِنٍّ ما يُناسِبه من الوسائل والأدوات في عرض رسائلنا التي نرسلها إليهم.
5- من واجباتنا تنظيم تعامُل أبنائنا مع الإنترنت:
الأطفال يتخيَّلون الإنترنت عالَمًا من الإثارة والمتعة، ولا يعلمون الأخطار التي قد تواجههم فيه، ونظرًا لعفويتهم وفِطرتهم وصِدقهم، فإنهم قد يُصدِّقون أي شيء يُعرَض عليهم، وهنا نحتاج إلى بعض الأمور التي تُساعدهم وتساعدنا في ضَبْط تعامُلِهم مع الإنترنت، ونُذكِّر بأن الدراسات العلمية تُحذِّر من أي استخدام للأجهزة ممن عمرهم دون 3 سنوات، والأطفال من 3-5 سنوات يجب أن يقتصر استخدامُهم لهذه الأجهزة على نصف ساعة فقط في اليوم.
المشكلة هنا تكمُن في تعرُّضهم لمشاهد عنف ومشاهد إباحية، كما ذكرت بعض الدراسات أن حالات عنف الأسرة مع الطفل قد تتسبَّب في إدمانه الإنترنت؛ وهذا يعني أن علينا ممارسة:
6- المراقبة غير المؤذية:
يحتاج أبناؤنا لمتابعتهم المستمرة، ومراقبة سلوكهم باستمرار، ولكن ليكن ذلك دون أن يشعروا، ودون إيذاء لهم أو تسلُّط عليهم، فلنعرِف من يصاحبون، وماذا يعملون، وما هي المواقع التي يدخلونها، وعند ملاحظة شيء خاطئ، فعلينا التزام الهدوء، ومحاولة وضْع خطة علاجية مناسبة لتعديل أخطائهم؛ لأن العنف والغضب قد يحملهم على إدمان ما نعاقبهم على تركه.
7- انتقاء المحتوى:
وخاصة للصغار منهم، فيجب أن نُعلِمهم جيدًا: ما الذي يجب أن يَمتنعوا عن مشاهدته، وغالبًا الصغار يُقلِّدون ما يفعله الكبار؛ ولهذا يجب علينا ضبط سلوكنا؛ حتى نكون قدوةً صالحةً لهم.
8- إدارة الوقت مهمة في ضبط السلوك:
يجب أن نُدرِّب أبناءنا على ضبط الوقت، وتحديده لكل نشاط، ويكون ذلك من القواعد السلوكية المنزلية بما يتناسب مع المرحلة العمرية ومع الحاجات، وفي ذات الوقت ينبغي أن نُشبِع احتياجاتهم بما يتناسب مع أعمارهم والوسط الذي يعيشون فيه في حدود إمكانيات الوالدين.
9- مشاركتهم اهتماماتهم:
كلما أوجدنا هُوايات مشتركة واهتمامات مشتركة معهم، زادَ ذلك من العلاقة الإيجابية معهم؛ مثل: جلسة ملاطفة، قصص، لعبة مشتركة، حوارات، نزهات.
10- تعليمهم فن الحوار:
كلما أتقن أبناؤنا الحوار معنا، قادنا ذلك لمعرفة اهتمامتهم، وعلى الوالدين إشراك أبنائهم في الحوارات بشكل مستمر، وابتكار موضوعات مناسبة للحوار، والصبر على أخطائهم، ومحاولة تعديلها بشكل غير مباشر، وقد تعَرِض بعض المشكلات، ويُطلَب منهم اقتراحُ الحلول، وغالبًا تكون الحلول التي يطرحونها أكثر مناسبةً لسِنِّهم، وهنا يقوم الوالدان بتشجيعهم على العمل بها.
11- ليسوا سواءً:
أبناؤك ليسوا سواءً؛ فهم مختلفون في العمر والجنس والميول والاهتمامات والمؤثرات، والخصائص النفسية، وفهمُك لشخصية كل واحد منهم يُساعدك في التعامل معه بما يُناسبه بشكل أفضل، وإن كنت لا تعرف ذلك فتواصَلْ مع المختصين، واقرأ الكتب المتخصصة في ذلك؛ حتى تتعامل معهم بشكل أفضل.
12- استفِد من مواسم الخير؛ مثل:
أوقات الصلوات، وصلاة الجمعة، ورمضان، والأعياد، والحج، وصلة الرحم، وبر الوالدين، فكل هذه المواسم والعبادات يمكن أن توظِّفها بشكل إيجابي في خططك التربوية، وتعاملك مع أبنائك وأسرتك.
13- أحبهم يحبوك:
كلما أعطيتَهم محبةً بادَلوك بمحبة أكبر؛ مثل: الكلمة الطيبة، والابتسامة، والثناء على جهودهم، وعدم انتقادهم أمام الآخرين، وكلمة "شكرًا"، وكلمة "حبيبي"، و"يا بُني"؛ كلها يجب أن تكون متداولةً باستمرار على لسانك، والبنات أكثر حاجة من الذكور لذلك.
14- التقبُّل مهم:
تقبُّل أبنائك مهمٌّ لك ولهم، فطبيعة الأبناء النقص، وطبيعة الآباء الطموح، وكلما استطعتَ موازنة طرفي المعادلة استرَحت وأرحتَ، وطلبُ الكمال في كل شيء نتيجته النقص!
15- وكان أبوهما صالِحًا:
جزء كبير مِن مهمتك في إصلاح أبنائك، سيخف عِبْؤه عنك إذا كنت صالحًا، والله عز وجل لطيف بعباده، فمَنْ تحرَّ الخير يسَّرْه الله له، وكان الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عندما كان يصلي من الليل، وابنه الصغير نائمٌ، فينظر إليه قائلًا: من أجلك يا بني، تطبيقًا لِما في قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 82].
16- ابْنِ علاقتهم بالله وبرسوله:
خير ما نُقدِّمه لأبنائنا أن نُوثِّق علاقتهم بالله تعبُّدًا، وبرسوله تأسِّيًا واتِّباعًا، فحين يرون ارتباطنا في كل صغيرة وكبيرة بالله، فسيكونون كذلك، وحين يرون حُسْن اتِّباعنا وتأسِّينا بالرسول، فسيتخذونه قُدوةً، ومن ثَمَّ فاستمرار هذه العلاقة وتوثيقها سيقودهم إلى:
17- الرقابة الذاتية:
التي يكون الإنسان فيها رقيبًا على نفسه، لا يحتاج إلى مراقب خارجي لضبط سلوكه، وإذا حدث منه تقصيرٌ بسبب الطبيعة الإنسانية، فإنه سَرعان ما يعود إلى الصواب، ويقوم بتصحيح أخطائه، وبعدها سيرتقي المرء إلى مرتبة عُليا تُرضِي ربَّه، وتُحسن ذكره وعملَه، وهي درجة الإحسان التي تُعَدُّ أعلى منزلةً يمكن أن يصلها الإنسان في حياته، جعلنا الله وإيَّاكم وذرياتنا من المحسنين.
كتبه خالد بن محمد الشهري
مستشار نفسي وتربوي