يدخل المرء أحياناً في مضايق صعبة يحتاج معها لأن يختار خياراً قد يكون مرّاً ويذوق طعم الحنظل حينما يختاره وبخاصة إذا كان هذا الخيار تابعاً لفتنة قهر الرجال التي كان يتعوذ منها النبي صلى الله عليه وسلم.
وكثيراً ما يتعرض الرجال وبخاصة الأحرار لمثل هذا الخيار المرّ ولكنه قد يكون شديد المرارة إلى حدّ الموت ! هذا ما أحسسته حينما قرأت خبر (وفاة أحد شباب سلفية الإسكندرية إثر تعذيب أمني) فأي مرارة ذاقها هذا الذي نأمل أن تكون وفاته له شهادة.وقد بلغت مرارة هذا الشاب ذروتها لا سيما أنها جاءت في غير موعدها ولا محلها فهو حديث عهد بعرس فليس هذا وقتها،وهو كما قال جيرانه لم يسبق له أن قبض عليه أو استدعى لأجهزة الأمن في الإسكندرية فليس هو محلاً لشكوك أجهزة الأمن أصلاً.
ومما جاء في الخبر أن صوراً له تسربت حين تغسيله تظهر عليها أثار تعذيبه مع أنه لم يطل مكثه في التحقيق مما يدل على القسوة العنيفة في التعامل معه كما أن أخاه تعرض للتهديد لإرغامه على تجهيل سبب وفاة أخيه.
أرأيتم إلى أيّ حدّ وصلت المرارة وإن كانت انتهت بالنسبة إلى القتيل إلا أنها مستمرة لأهله ولمن كان متديناً مثله في بلد مسلم تتقرب حكومته إلى النصارى ولو على جثث أبنائها المسلمين.
ومع كل تلك المرارات التي عانى منها هو وأمثاله إلا أننا نتذكر عندها قول النبي صلى الله عليه وسلم:( حلاوة الدنيا مرة الآخرة ومرة الدنيا حلاوة الآخرة) مما ينقلنا إلى جانب التفكير الايجابي في المسألة والنظر لها من جهة أخرى جهة تمتلئ عدلاً كما ملئت هذه جوراً وذلك حينما تعقد المحكمة الكبرى-إن صح التعبير- عند الله وعندها تجتمع الخصوم.
و إن كان الظلم مرّاً ومرتعه وخيم فإن الإنسان قد يصبر على مرارته ويتحملها إذا جاءت من كافر لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا تربطه به أية صلة لكن كيف يمكن أن يتحملها إذا كانت من إخوته في الدين والعقيدة ومن خاصته وأهله.
وظلم ذوي القرب أشد مرارة على المرء من وقع الحسام المهند
نقول هذا ونحن لا نعرف هذا الميت ولا تربطنا به إلا رابطة الإسلام ، تسلية لمن ابتلي بسبب تمسكه بالإسلام والسنة واتبع الحق وعض عليه بنواجذه ونحن نحمد الله على أن عافانا في ديننا وديارنا وأهلينا وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة .
ثم نرسلها رسالة لمن يعبثون فكرياً بمجتمعنا لنقول لهم فلنحفظ ما نحن فيه من أمن وأمان وطاعة رحمن ولنسعى جميعاً في ذلك إخوة متحابين حتى لا يصبح حالنا كحال أولئك الذين عانوا محاكم التفتيش في الأندلس ومازالوا يعانونها في بعض بلدان العالم الإسلامي. حتى أصبحوا كما قال الله تعالى ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب).
وكلنا أمل أن نسعى جميعاً لمكافحة كل متطرف ممن يفجر الناس بالقنابل ويخوف الآمنين وكذلك الآخر المقابل الذي يفجر المسلمات والثوابت ويشكك المؤمنين.
أيها الظالم أيا كان ظلمك وموقعك صغيراً كنت أو كبيراً حاكما كنت أو محكوما أميراً كنت أو مأموراً .
كاتباً كنت أو قارئاً أو إعلامياً أو متحدثاً.
أباً كنت أو ابنا .
رجلاً كنت أو امرأة .
عاملاً كنت أو صاحب عمل ، معلماً كنت أو موظفاً أو....
أذكرك ما نقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
أمـا والله إنَّ الظُلـم شـؤمُ وَلاَ زَالَ المُسِيءُ هُوَ الظَّلُومُ
إِلَى الدَّيَّانِ يَوْمَ الدِّيْنِ نَمْضِي وعند الله تجتمعُ الخصـومُ
ستعلمُ في الحساب إذا التقينا غَدا عِنْدَ المَلِيكَ مَنِ الغَشُومِ
ستنقطع اللذاذة عن أنـاس من الدنيا وتنقطع الهمـومُ
لأمرٍ ما تصرّفـت الليالـي لأمرٍ مـا تحركـت النجـوم
إِلَى الدَّيَّانِ يَوْمَ الدِّيْنِ نَمْضِي وعند الله تجتمعُ الخصـومُ
ستعلمُ في الحساب إذا التقينا غَدا عِنْدَ المَلِيكَ مَنِ الغَشُومِ
ستنقطع اللذاذة عن أنـاس من الدنيا وتنقطع الهمـومُ
لأمرٍ ما تصرّفـت الليالـي لأمرٍ مـا تحركـت النجـوم
ومما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم جعفر من الحبشة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أعجب شيء رأيت ؟ قال : رأيت امرأة على رأسها مكتل من طعام فمر فارس يركض فأذراه فجعلت تجمع طعامها وقالت : ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم فقال النبي صلى الله عليه وسلم. تصديقا لقولها لا قدست أمة أو كيف قدست أمة لا يؤخذ لضعيفها من شديدها وهو غير متعتع .
كتبه أبو بكر بن محمد
Kmys99@yahoo.com
0 التعليقات :
إرسال تعليق