صرخت وقالت ويحكم جف اللبن --- وأنين أولادي سيقتله الزمن
صرخت ونادت من عروق فؤادها --- صرخت ولكن لا مجيب ولا أذن
صرخت ونادت من عروق فؤادها --- صرخت ولكن لا مجيب ولا أذن
أبيات من قصيدة قديمة ظننا أنها لن تعود ولكن قدر الله وما شاء فعل وهانحن نبتلى ويمتحن إيماننا بمجاعة جديدة في الصومال ، ومن منا ينسى تلك الصورة التي حصلت على جائزة صورة العام أبان المجاعة السابقة حينما حط نسر ضخم خلف طفل صومالي هزيل لا يستطيع الحركة ينتظر موته ولربما يكون قد التهمه بعد انصراف المصور بلقطته الشهيرة التي نال بسببها الشهرة العالمية ؛ وقتها كادت قلوبنا تنفطر لهول مشاهد تلك المجاعة ثم ما هي إلا أيام حتى عدنا إلى ترفنا ولهاثنا خلف دنيانا لنصحو بعد حين على أجراس هذه المجاعة الجديدة والتي صاحت بأخبارها مع الأسف وكالات الأنباء الغربية ومنظمات الإغاثة العالمية في شبه سبات من مؤسساتنا الإعلامية ،وعجز منظماتنا الإغاثية المكبلة بجريرة أحداث سبتمبر الذي حشرها في زاوية تكاد معها أن تموت خنقاً.
ومع كل ذلك وصلت أخبار إخواننا في الصومال الذين يموتون بالعشرات كل يوم بسبب الجوع بل تذكر بعض التقارير أنه في كل ست دقائق يموت طفل صومالي بسبب المجاعة ومع كل هذا لا يزال إعلامنا يغط في سبات عميق يمنعه من مواكبة الأحداث ويتسبب بذلك في تعطيل الجهود الإغاثية إذ الناس أصبحوا لايصدقون إلا ما يعرض في نشرات الأخبار بالصوت والصورة والتقارير المتتابعة لوكالات الأنباء.
ومن هنا فإن وسائل الإعلام العربية شريكة في جريمة المجاعة التي تفتك بالصومال وهي المتسبب الثاني بعد هيئة الأمم المتحدة التي أخذت تماطل طويلاً مع علمها بخطورة الوضع منذ سنوات بحسب ما كتبه بان كي مون.
ومع خطورة الوضع وشدة الجفاف الذي تعرضت له الصومال وتحقق المجاعة تتعجب ممن يظهر في وسائل الإعلام لينفي حصولها أو خطورتها وتعجب من آخرين يكذبون أخبارها ويدعون أنها للتغطية على أحداث سوريا وكأننا على مسرح واحد ولا يمكن حدوث مشهد حتى ينتهي الآخر ونسوا قول العرب : إن المصائب لا يأتين فرادى.
وإن كنا نأسف على حال إخواننا في سوريا وندعو لهم بالفرج العاجل وأن ينصرهم الله على من ظلمهم إلا أننا لا ينبغي أن نغفل عن أنهم رجال وأنهم قادرون بإذن الله على انتزاع حقهم والله ناصرهم عما قريب بإذن الله.
أما الصومال فما يحدث فيها أمر آخر لا حيلة لهم فيه ولا مفزع لهم بعد الله إلا في تحرك إخوانهم المسلمين لإغاثتهم ومدّ يد العون لهم ؛ وعجيب والله هذا التقاعس عن مدّ جسور الإغاثة لهم بشكل عاجل وكأننا لسنا جسداً واحداً !.
أين ذهبت معاني الأخوة والتناصر والتعاون والتكافل؟
هل نرضى بتمزق الجسد الواحد وتفرقه كما يريد أعداء الإسلام؟
وهل نسكت ونحن نرى تحرك الصليبين لإغاثة الصوماليين المسلمين ونحن أغنى شعوب العالم؟
والله إن حدث هذا لتكونن فضيحة العصر وعار العمر الذي لا يزيله كثرة تغنينا بأشعار الأخوة الإسلامية ، وأي أخوة بقيت لنا إذا نحن غفلنا عنهم.
وأخشى أن تكون آخر مطالبهم بعد اليأس ما جاء في تلك القصيدة الحزينة:
أما إذا قد عز فيكم مطلبى ---- فأريد منكم أمتى ثمن الكفن
اللهم أطعم الجوعى وأشف المرضى وأغث المنكوبين . اللهم نشكو إليك قلة حيلتنا وعجزنا عن إغاثة إخواننا وقد حيل بيننا وبينهم .
كتبه أبو بكر بن محمد
0 التعليقات :
إرسال تعليق