نظام ساهر وما أدراك ما نظام ساهر ؟
ذلك الذي فرحنا به حينما أعلن عنه لظننا الجميل في أنه سيغير من لغة السير في طرقاتنا التي تنوء بالكثير من المشكلات ، لكننا بكل أسف أصبنا بخيبة أمل بعد تطبيقه إذ لم نر جديته في إصلاح وضع السير في طرقاتنا .
وفائدته اليتيمة في تقليل نسبة الحوادث على الطرق السريعة لا تعود لحسنة في ساهر بقدر ما تكشف ضعف جهاز المرور لدينا إذ لو وقفت سيارات نشطة من دوريات المرور في مكان سيارات ساهر لكان يفترض أن تقل الحوادث بنفس النسبة.
وأخشى أن أقول إنه لم تعم المواطنين وبخاصة مستوري الحال مصيبة بعد كارثة الأسهم أشد عليهم من نظام ساهر وهو كما يقال( لا يرحم ولا يأوي).
وقد تساءلت- مع غيري- عن سبب كراهية أكثر المواطنين لنظام ساهر فوصلت إلى الأسباب التالية:
1-يشكك كثير من الناس في نظام ساهر هل هو للتوعية وحماية الأرواح، أم أنه لتصيد الأخطاء وجباية الأموال؟
2-كذلك يتساءلون هل وجدت البنى التحتية لاستخدام ساهر؟ أم لا مع أن المشاهد أن الكثير من الشوارع تخلو من اللوحات الإرشادية، ومن لوحات تحديد السرعة، كما أن بعض السرعات البطيئة تعرقل حركة المرور.
3- المواطن قد يتلقى رسالة عبر هاتفه الجوال بمخالفة قد يكون ارتكبها، ولكنه لا يعلم أين وكيف ومتى حصلت ولو أراد الاعتراض فإنه لا يعرف السبيل.
4- النظام لا يفرّق بين المخالفين، ولا يعرف حالات الطوارئ، كما أن المخالف لو سجلت عليه في طريقه مخالفة سرعة لأي سبب كان ثم وصل إلى سيارة ساهر أخرى في نفس الطريق فإنها ستسجل عليه مخالفة أخرى في نفس الوقت واليوم ولنفس السبب مع أنه قد يكون لديه حالة طارئة.وكان يفترض ألا تكرر نفس المخالفة في نفس اليوم مهما كانت الظروف لأن السائق أيّا كان قد نال عقوبة على مخالفته لذلك اليوم.
5-المواطن الذي تجاوز حد المائة ألف من الغرامات كما نشرت بعض وسائل الإعلام مسئولية من؟ ولماذا لم يقم المرور بإيقافه طوال تلك المدة إما لتصحيح الخطأ إن وجد أو كف شره عن الناس ومنعه من قيادة السيارة إن كان مستهترا.
6- حتى الآن لا توجد محاكم متخصصة للفصل في المنازعات التي قد تنشأ عنه وهنالك –كما ينشر- حالات سجلت فيها مخالفات على أشخاص ليس لديهم سيارات أصلا كبعض النساء وآخرين سياراتهم كانت متعطلة لا تعمل أثناء تسجيل المخالفة وآخرين كانوا مسافرين وأمثال هؤلاء سيعانون الأمرين لإسقاط المخالفات عنهم.
7-في حال وجود مخالفة تضاعف بعد شهر وهذا ربا واضح كما نقل عن سماحة المفتي ، والسؤال لماذا تضاعف المخالفة وهل يريد المسئول عن النظام الانتقام من المواطن؟ أم يريد حث الناس على الالتزام بالنظام؟
8-في كل أنحاء العالم هنالك رقابة مرورية واضحة وصريحة ومعلنة يراها الجميع.فلماذا نحن فقط الذين تتخفى كاميرات ساهر لدينا حتى كانت من ابتكارات ساهر أن تُخبأ الكاميرات في صناديق القمامة.وماذا نتوقع أن تكون النتيجة لمثل هذه اللعبة؟وهل سيحترم أبنائنا النظام أم أنهم سيتعاملون معه بنفس الآلية وطريقة التفكير؟.
9-حينما تكون هنالك فئات في المجتمع –أيا كانت-لا تطولها غرامات ساهر سواء بمقتضى النظام أو الاحتيال أو التلاعب أو تكسير الكاميرات أو تغيير لوحات السيارات . فماذا نتوقع من بقية المجتمع؟ ولماذا المواطن الصالح هو وحده الذي يتحمل المسئولية؟ وحتى متى نتوقع أن يصبر؟
10-كثير من السيارات يقودها أشخاص آخرين -غير مالكيها- إما سائق أو ابن أو عامل في شركة ومخالفات ساهر في كثير من الأحوال يتحملها صاحب السيارة وفي هذا زيادة عبء عليه حينما يتخلى المرور عن مراقبة الطريق ومتابعة المخالفين ويحمل المسئولية ملاك السيارات الذين سيضطرون لتحملها مع أنه من المفترض أن يقوم المرور بمتابعة المخالف ولا يرهق مالك السيارة بالرقابة التي هي من صميم عمل جهاز المرور.
11-كنّا نتوقع أن يواكب ساهر تحرك عملي من جهاز المرور ليرتقي بسلوك السائقين ولكن بكل أسف وجدنا أن جهاز المرور وجدها فرصة للراحة حينما وجد من يؤدي له هذه الخدمة الثمينة التي كان يعاني منها سنين طوال.
والسؤال هل نحن ضد ساهر؟
بالطبع نحن لسنا ضد ما من شأنه أن يضبط النظام ولكن الذي يظهر أن نظام ساهر مجرد مورد مادي مهم كما أنه تسبب في دخول جهاز المرور في غيبوبة بعدما كنا نشتكي من كسله.
إن فلسفة نظام ساهر قائمة على القسوة وإجبار الناس على الالتزام بالنظام وهذا أمر لا يحدث بدون ردّات فعل عنيفة وإلا فمن يفسر محاولات إتلاف وتكسير كاميرات ساهر ، ومن يرى سيارات ساهر مغطاة بشبك حديدي بحيث لا يظهر منها سوى عدسة الكاميرا يعلم إلى أي مدى يمكن أن تصل محاولات تدميرها ، ويبدو أن المسئولين عنه يراهنون على الزمن حتى يعتاده الناس وهم فيما يبدو غير مدركين للواقع ولتغير نمط تفكير الشباب ففي زماننا كان شعار الشباب سمعنا وأطعنا أما الآن فقد تغيرت شعاراتهم بشكل كامل.
والحل الذي يجب أن يعتني به المسئولين هو أن مشكلة المرور لا يمكن حلها من خلال آلية نظام ساهر الحالية لأنه لا يكشف سوى السرعة أو قطع الإشارة ويعجز عن المشكلات السلوكية الأخرى المؤثرة في أنماط السلوك وهي تحتاج إلى رجال يعملون بجدية وعلم وطول نفس ، كما أنه لابد من إشراك مؤسسات التربية والتعليم والإعلام والمساجد من خلال خطة طويلة المدى ومكثفة ومدروسة بشكل متكامل ، ويمكن الاستفادة من آلية وخطط مكافحة الإرهاب التي آتت ثمارها اجتماعيا وعمليا خلال فترة وجيزة من خلال تظافر جهود جميع مؤسسات المجتمع.
أما مجرد التركيز على تحصيل الغرامات ومضاعفتها كما هو حاصل الآن فإنما هو سبب لكثير من المشكلات الاجتماعية والتي ينتج عنها سلوك اجتماعي بغيض من الاحتيال على النظام ومعاداته وتكسير كاميرات ساهر وحدوث احتقان بين فئات الشباب وبين المؤسسات الحكومية .
إن الخلل في شوارعنا لم يحدث بين يوم وليلة وإنما نتيجة عقود طويلة من غفلة وسلبية جهاز المرور إضافة إلى نقص لدينا في التثقيف والتوعية ولا يمكن أن تحل هذه المشكلة خلال فترة وجيزة ومن جهة واحدة فقط .
لذا فإننا نأمل إيقاف نظام ساهر وإعادة النظر فيه من خلال خطة وطنية عامة يشارك فيها الجميع على غرار خطة مكافحة الإرهاب حتى نضمن نجاحها وكما تم القضاء على الإرهاب فإنه يمكن القضاء على إرهاب الشوارع .
ومرة أخرى يجب أن نحدد ما نريد وهل نحن جادون في تعديل سلوك السائقين وضبط المرور وتقليل نسبة الحوادث أم أن الأمر لا يتعدى تلك الفكرة البئيسة التي يرددها البعض من أن قسوة النظام ستجبر الناس على الانقياد له في غيبوبة تامة عن مجريات الأحداث على مستوى العالم العربي والعالم أجمع.
آمل أن يغفو ساهر مؤقتا حتى يستيقظ جهاز المرور من غيبوبته ويراجع وضعه ليضع مع مؤسسات المجتمع الأخرى خطة وطنية ترتقي بسلوك المجتمع ليشعر الجميع فيه بالتراحم والتآخي فيتعاونون فيه على البر والتقوى وبخاصة أن مجتمعنا شاب يبلغ فيه الشباب أكثر من النصف فكل بذرة من الخير نبذرها اليوم ستؤتي أكلها بإذن ربها عما قريب .وحينها ينطلق نظام ساهر بفلسفة أخرى تقوم على المودة والبناء ليستجيب معها الجميع . اللهم وفق مسئولينا لكل خير وأبعدهم عن كل شرّ وجميع المسلمين.
كتبه أبو بكر بن محمد
11/10/1432هـ
http://qalmey.blogspot.com/

0 التعليقات :
إرسال تعليق