المعلمة ريم النهاري ذات الـ 25 ربيعا التي قضت في حريق المدرسة نحسبها شهيدة -ولا نزكي على الله أحداً-والأعمال بالخواتيم فهنيئاً لها الشهادة بإذن أرحم الراحمين.
جلست ريم البارحة الأولى مع والدها وشقيقها تتبادل معهما أطراف الحديث ولم تصغ لوالدها الذي كان يلح عليها بضرورة النوم مبكرا لأن الدوام ينتظرها، فقد كانت لا تمل الحديث معه وتؤثر البقاء معه لفترة طويلة. لعلها كانت تنتظر قضاءها القريب.
كانت في قصتها فصول من التضحيات التي تجلت أمس في الساحة، إذ أنقذت طالبات فصل كامل من مرحلة الروضة كانت ريم تنقذ طالبات الروضة بإلقائهن للرجال الواقفين أسفل المدرسة.
وعندما أنجزت مهمتها بكل حنان الأمومة وشفقة المربية المخلصة ألقت بنفسها إلى الأسفل فوجدت مصابة بشج في الرأس وعاجلها الأجل قبل أن يصل بها المسعفون إلى المستشفى .
كان همها وشغلها الشاغل توفير حياة كريمة لأسرتها ودفع إيجار الشقة الذي أثقل كاهلهم، فقد كانت تحمل أسرتها خصوصا بعد وفاة والدتها رمضان الماضي.
يقول خالها: ريم ما عرف عنها إلا الأدب الجم والأخلاق الكريمة والكل يحبها. نعم من كانت هذه حياتها فكذلك تكون خاتمتها.
البارحة الأولى، كانت ريم تبث أمنيتها لشقيقها بأنها تريد غرفة خاصة تسكن فيها وكأنها تنتظر تحقق تلك الأمنية لكن بشكل أسرع مما تخيلته مع أخيها ونحسب أنها إن شاء الله وجدت في جنات ربها عوضاً من الدنيا بما فيها.
حتى متى يا وطني لا تعرف شيئاً عن حاجة وفاقة أبنائك المخلصين حتى تهراق دمائهم الزكية على ثراك؟
من يقضي حاجات تلك المعلمة الفاضلة والمربية النبيلة والبنت البارة بعد وفاتها ويحقق طموحاتها في أهلها؟ أما هي فقد عاشت عزيزة النفس مرفوعة الرأس وقضت نحبها على خير حال إن شاء الله.
يجب على وزارة التربية أن تضرب مثلاً من نفسها في تربية الأجيال وتطلق اسم تلك المعلمة البارّة على مدرسة لتخلد اسمها ضمن من أسهموا في بناء الوطن وليكن اسمها:
مدرسة المعلمة ريم النهاري شهيدة الواجب
كما نرجو أن نرى أحد شوارع جدة وقد حمل اسمها تخليداً لذكراها العطرة. وليعلم الناس أن لنا وطنا يقدر المخلصين من أبناءه.
ثم لابد أن تنهض وزارة التربية ومدرستها التي كانت تعمل فيها لتعويض أسرتها كما نأمل من مقام خادم الحرمين الشريفين معاملتها هي وزميلتها معاملة شهداء الواجب.
وحقاً على أسر تلميذاتها أولئك الزهرات الجميلات التي قامت المعلمة ريم النهاري بإنقاذهن أن يشكرنها بعد موتها ،وليتهم يجمعون ما يقيمون به صدقة جارية تتبعها وتثقل موازينها فهي أحوج ما تكون لهذا التقدير والشكر منهم في هذا الوقت.
لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.
كتبه/أبو بكر بن محمد
1432/12/24هـ
0 التعليقات :
إرسال تعليق