منال الشريف.. قصة قصيرة

الأربعاء، 7 ديسمبر 2011


منال الشريف.. قصة قصيرة
"عملت قليلا وأُجرت كثيرا"
منال الشريف شخصية العام يصلح ليكون عنوان قصة قصيرة..وقصيرة جداً من تلك التي لا تتجاوز نصف صفحة وفصلها الأول هو الأخير ومقدمتها هي الخاتمة!.
بدأت القصة بقيادة منال الشريف سيارتها في مدينة الخبر ذات يوم بعد مشاركتها مع أخريات في حملة على  موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تحت اسم "سأقود سيارتي بنفسي بدءاً من ١٧ يونيو" ، وقام رجال الأمن بحجزها حتى تعهدت بعدم تكرار قيادة السيارة لمخالفة ذلك لأنظمة البلاد.انقسم الناس حيالها إلى مؤيد ومعارض لعملها وقد أصابها بعض السيئ من القول نتيجة تهور البعض ونزقهم وهذا أمر ملاحظ حتى عند مشجعي الكرة وما يتقاذفونه بعد كل مباراة وهو مالا يرضى به العقلاء ، إلى هنا والأمر معتاد عليه ومألوف في المشهد الثقافي لكنه لم يقف عند هذا الحد إذ دخلت على الخط بعض وسائل الإعلام الغربية لتضخم الموضوع وتجيره لملفها القديم الجديد عن سوء الأوضاع في المجتمع السعودي.وقد أعتدنا ذلك وألفناه حتى لم نعد نأبه برأي تلك المؤسسات المشبوهة ولا برأيها فينا ولا في مجتمعنا وقد أثبتت الأحداث السياسية الساخنة ومجريات الربيع العربي ذلك.
ألم أقل لكم إنها قصة قصيرة جداً؟
إذا ما الجديد ؟ الجديد أن الإعلام الغربي صور منال الشريف على أنها بطلة وأنها عملت ما لم يستطع الأبطال عمله! وصورت لنا تلك الوسائل الإعلامية أن منال قاومت استبداد المجتمع وغيرته مع أنها لم تغير سوى مكان سيارتها.بدليل أن هنالك كثيرات قمن بنفس العمل لكنهن لم يحضين بنفس الشرف.
ولو كانت المسألة مجرد إشادة بالتغيير الاجتماعي وتحرير المرأة فهنالك من هو أولى من منال الشريف بهذا الشرف فمثلا الأميرة عادلة قامت بجهود أكثر و أكبر أثراً، وهنالك مها فتيحي وجهودها أوضح وأقوى.فلماذا إذا التركيز على منال الشريف؟
السبب بسيط للغاية وهو أن الأميرة عادلة ذات نفوذ ومكانة لا يجهلها أحد ومها فتيحي ذات ثروة وزوجة وزير، وهذا ما لا يمكن أن تصل إليه كل فتاة سعودية لكنهن بالتأكيد يمكن أن يكن مثل منال الشريف مواطنات مغمورات حين يبدأن مغامراتهن ضد المجتمع.
ولهذا اختارت مجلة الفورن بوليسي الأمريكية منال الشريف السعودية لتكون ضمن أهم شخصيات هذا العام  لتكريم  مائة مفكر وصاحب رأي لعام ٢٠١١.
ولا نحتاج أن نفكر كثيرا في الأسباب التي دعت تلك المجلة لترشح منال الشريف؛ وتحيز تلك المجلة للقيم الأمريكية مفهوم ونظرتها لمنال الشريف على أنها ناشطة وفاعلة في سبيل تحرير المرأة في مجتمعها السعودي المتخلف بحسب القيم الأمريكية له ما يسوغه لديهم لكنه غير مسوغ لدينا بأي حال.
منال الشريف التي رثيت لها لما أصابها من كثير ممن تطاول عليها رغم خطئها الذي كان يجب أن يبقى ضمن حدوده وحجمه الصغير لولا تدخل الوسائل الإعلامية وبخاصة الأجنبية التي تزور كثيرا من الحقائق.
حين ترشح منال الشريف لتكون ضمن الشخصيات المائة -مع أن هنالك غيرها ممن قدن سياراتهن في جدة وفي غيرها- يدل أن وراء الأكمة الأمريكية شيء آخر وهو تقديم أنموذج جديد وعملي للمرأة السعودية الجديدة.
 والذي يرى صور الحفل الذي أقامته المجلة ويرى لباس منال الشريف لا يستطيع أن يتجاوز مسألة أثيرت منذ عقود عن مفهوم الإسلام الأمريكاني الذي تسعى له الثقافة الأمريكية . فمنال مع أن حجابها على رأسها و تفاخر به  لبست بنطالاً ! فأي حجاب هذا؟
ولنعرف إلى أين وصل الحال لننظر حال هذه الأخت المسلمة  التي لا مانع لديها من حضور حفل يتناقض مع قيمها ودينها و فيه من المساوئ التي نجزم أنها لا ترضى بها أبدا وهي المسلمة التي تؤمن بدينها ولا ترضى عن الإسلام بديلاً.
ولو كان هذا الاحتفال غير معلن لوجدنا لها عذراً ولو أنها أُخذت على حين غرة لوجدنا لها عذرا لكن واقع الحال ألغى جميع الأعذار.
ومجلة مثل هذه لن تحرص على استقطاب منال الشريف وتدع غيرها من الناشطات عبثاً، فمنال الشريف بالنسبة لهم الورقة المناسبة في هذا التوقيت ولتستخدم للتهيئة لما بعدها . وإن كانت هي الآن لن تقبل بذوبان شخصيتها الإسلامية بشكل كامل فلتكن إذا طعماً جاذباً لمن بعدها وسيكونون بالعشرات بلا شك ذكورا وإناثا ، والمهم هو ترسيخ مبدأ الثورة ضد المجتمع لدى الشباب ولا يهم إن كان ذلك صواباً أو خطئاً.  
وأخيراً فإني أسأل منال الشريف هل يستحق غضبك على فئة ممن نالت منك لما قدت سيارتك أن تتنازلي عن كثير من قيمك في سبيل ردّ اعتبارك ؟
وهل يسوغ لمن أغضبه فئة من مجتمعه أن ينقلب على جميع قيمه وأخلاقه؟ وإن كانت صواباً؟
وهل نرى غيرها في المستقبل من يعملن قليلاً ليؤجرن كثيراً من بلاد العمّ سام؟
أرجو ألا نضطر لاستقبال التعازي في بعض أبنائنا الأحياء .


كتبه/أبو بكر بن محمد
1433/1/12هـ




0 التعليقات :

إرسال تعليق

 
بوح قلمي ،،، أبو بكر بن محمد | by TNB ©2010 وتم تعريب القالب بواسطة مدونة نصائح للمدونين .