ولما كل على همه سرى سريت أنا على همي لأمارس تجربتي الحب الفاشلتين بامتياز في عدة معارض متوالية إذ سولت لي نفسي أني يمكن أن أصل إلى تحقيق وساوسي التي لم أتب منها ؛ فضللت أعود إليها وأقدم رجلا وأؤخر أخرى وأقدم وأحجم مرة بمشاعر طفل صغير لا يرى في الكون إلا حاجته ومنتهى أمله الحصول عليها بأي طريقة.
ومرة بعقل شيخ يدلف إلى العقد الخامس بروح شاب لم يكتمل شاربه فأصبح يسلك ما لا يساعده عليه سنه ولا وضعه الاجتماعي ليصحو بين فينة وأخرى وفي كل غزوة يبحث عن مرآة يرى فيها نفسه وهل يناسب شكله ومظهره ،عمله وطمعه؟
وبعد كل تجربة فاشلة أعود محوقلا ومستغفرا من ذنبي وداعيا على العالم كله وعلى التجار ودور النشر والمكتبات ووزارة الثقافة والإعلام إذ كيف يغفلون عن مثلي وأي فتى أضاعوا وأي كتاب فاتهم؟ وأدعو بالويل والثبور لكل من لم يقرأ كتابيّ  وأتخيل كم من الشرور ستزلزل العالم إذ لم يطلع أحد على ما سطرته! .
ثم أعود لألقي باللائمة على القراء –غير المثقفين بكل تأكيد- إذ كيف فاتهم الحصول على بنات أفكاري وقد عرضتها عليهم بالمجان وشبه المجان!.
وكيف يغدون إلى معرض الكتاب بعربياتهم ويملأها  أحدهم بحمل بعير ليس بينها كتابين لي لطيفين صغيري الحجم ؟
وحتى متى يغفل الجميع عن كتابين مطبوعين لي وأنا من أنا ؟ ومن لا يعرفني فليسأل عني أمي ولن يجدها لأنها قد ماتت قديما رحمها الله ؛ ولهذا فليسأل بُنيّتي تخبره من أنا وليسمع من الثناء ما لم تقله الخنساء في صخر ؛ وما لا يحسن قوله في المتنبي ابن جني!.
ولأحدثكم عن تجربتيّ السابقتين ليشمت بنا الأعداء وليحزن الأحبة والأصدقاء: أما إحداهما فقد مارس الناشر معي لؤم التجار إذ كان يضعه تحت الطاولة ويضع فوقها روايات جنسية وحب وغرام ومع أن كتابي كان يحوي أشرف حب عرفه الناس وهو حب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه يبدو أن قوله عليه السلام لمحبه أعدّ للفقر تجفافا يلحق بنا على مرّ العصور تخليصا لمحبتنا من شوائب الدنيا .
ولما خذلني الناشر على مدى سنوات قررت في تجربتي الثانية عند طباعة كتابي الثاني أن أطبعه وأنشره على حسابي ولم أعلم أن البحر عميق جدا !.
 ولما أهديت نسخا منه لبعض من أقدرهم ردّ عليّ أحد الكتاب المشهورين بعد اطلاعه على نسخته وبدون وجود اسم ناشر بقوله:( الله يعينك على توزيعه) فحدث ما توقعه لكن دعوته لم تستجب.وقد أصبحت أوزعه بالمجان على من عرفت ومن لم أعرف ؛ سامحه الله ليته ما دعى!.
والمشكلة أن موضوعه لا يناسب جميع معارفي من الناحية العملية إذ هو يتحدث عن قصة الترف ومعارفي كلهم من الطبقات الكادحة وأحسنهم من بقي عليه سنتين لسداد قرضه الأخير في البنك ؛ وعلق أحدهم عليّ لما أهديته الكتاب نحن نحتاج قصة الفقر.فأردت أن أكتب فيها ثم تذكرت أنها من القصص المعاشة فلا تحتاج معها إلى توثيق مع كثرة التوهيق.
لقد عانيت في تجربتي من الهواجس حتى لو كان بجواري أخصائي نفسي لشخص حالتي مباشرة بهذاءات الاضطهاد وصرف لي دواء الفصاميين ثم تدور بي هواجس أخرى فيغير الأخصائي تشخيصه ليصنفني ضمن المكتئبين؛ ثم تدخل أعراض القلق الوجودي ليعيد تصنيفه لحالتي وربما استقال من عمله وهجر وظيفته بسبب هواجسي المتقلبة خلال نانوثانية!.
على كل فالدنيا مازلت بخير وقد يغفل الناس عن الألماس وربما وطئوه بأقدامهم حتى يأتي خبير خريت يعرف قيمته فيستخرجه ويبرزه للناس ثم يغالون في سعره ! وهذا ما جرى لي إذ لم ينصفني إلا صاحب محل أبو ريالين هندي –يبدو أنه جُذيلها المحكك- إذ عثر على عشر نسخ من كتابي مطبوع على غلافها بخط عريض اهداء مجاني فوضع ورقة وغطاها بسعر مضاعف للكتاب وبرغم غشه وتدبيله سعر الكتاب مرتين إلا أني لم أجادله ولم أعاتبه لأنه أرضى غروري فهو الوحيد الذي عرف قيمة كتابي فهو في السوق بستة ريالات ويبيعه بخمسة عشر ريالا وعلى نسخ مجانية ليست للبيع ولم يعطني شيئاً لكنه مع ذلك يستاهل فهو على الأقل يقدر قيمة المؤلف الحقيقي ويعرف الكاتب المتميز والدليل على أنه يبيع خردوات أبو ريالين لكنه مع ذلك لم يعرض سوى كتابي فشكري ينبغي أن يكون له وليس لوزارة الثقافة والإعلام.
وحتى يحين موعد معرض الكتاب مرة أخرى ومع تجربة حبّ جديدة آمل أن تبحثوا عند البوابة الرئيسية وفي أكبر قاعة لعرض الكتب وأنا متأكد أنكم لن تجدوني هناك فأنا لم أكتب مرة في قدح الدين ولا في مدح الحاكمين ولست من أصحاب الملايين ولم أكن يوما من الإصلاخيين (نعم هي هكذا بالخاء المعجمة) وبحسبي أني سأبقى من المحبين وعربون محبتي توزيع كتابيّ بالمجان لمن طلبها ( فقط اتصل تصل).
                                             كتبه خالد بن محمد الشهري
                                                   1434/5/3هـ

                                                 @abubaker_m