العامل في الميدان التربوي يعلم مدى اتساعه وتشعبه وتداخل مكوناته فيما بينها مما قد يشكل نوعاً من الإرباك أو الفوضى بالنسبة لمن يريد أن يخطط له نظرا لتعدد مكوناته الأصلية وتداخل احتياجاتها بشكل ملح في أكثر من جانب وفي نفس الوقت تقريبا فما يلبث المشرف أن يخطط لجانب إلا ويظهر له إشكالية في جانب آخر لا تحتمل التأجيل مما يذكرنا بقول العرب إن المصائب لا يأتين فرادى، وقولهم تكاثرت الظباء على خراش فما يدري خراش ما يصيد؛ وكل من يعمل في الميدان التربوي يدرك هذه الإشكالية؛ ويمكن القول أن للمشرف التربوي في خضم هذا العباب مهام ووظائف عديدة يمكن إجمالها في الأقسام التالية:
إدارية - تخطيطية - تنشيطية - تدريبية - بحثية - تقويمية - تحليلية - ابتكاريه.
وهذه المهام تشمل المجالات التالية:
الإدارة المدرسية - القيم التربوية - الطالب - المعلم - طرق التدريس -المقرر الدراسي - التقويم - النشاط - المبنى المدرسي - الوسائل والتجهيزات المدرسية.
إن التداخل والتزاحم بين هذه الوظائف والمجالات التي تعد جميعها أساسية قد يربك العاملين في الميدان التربوي ومنهم المشرف التربوي ولهذا تسعى الوزارة وتبعا لها إدارات التربية والتعليم إلى إيكال مهام محددة لإدارات متخصصة لفض الاشتباك بين هذه الاحتياجات المتداخلة ولكن مع ذلك يبقى المشرف التربوي مرتبطا بهذه التداخلات -التي يحلو لأحد الزملاء تسميتها بالفوضى المنظمة- ونظرا لذلك يحتاج المشرف التربوي إلى التخطيط بشكل مستمر مع التعرف على طرق جديدة لتقويم الخطط للتعرف على جوانب القصور؛ لذا فإنني أرى أهمية قيام الوزارة ممثلة في التدريب التربوي أن تخرج من قالبها غير المجدي الذي تدور فيه لتتجه إلى تطوير التدريب ليتواكب مع حاجة الميدان التربوي الفعلية ولن يعجزهم هذا إذا ما أرادوا ذلك أما أن يبقى دور التدريب مجرد نقل كتب مترجمة ومبتسرة يحفظها المدرب ثم يلقيها على المتدربين - كما هو الحال في كثير من الدورات التدريبية التي تقام حاليا-فلن نخرج بتقدم ملموس.
وحتى ذلك الحين الذي ينهض فيه التدريب التربوي بدوره بشكل فعال فإن المشرف التربوي يحتاج إلى التعرف على التخطيط في الجانب التربوي والجانب الإداري وهذا يستلزم مجهودا إضافيا ذاتيا وبكل حال فإن هنالك خطوات وقواعد للتخطيط الجيد يمكن للمشرف التربوي أن يجدها في مظانها من كتب تربوية أو إدارية وسأحاول في الأسطر القادمة أن ألخص بعض خطوات التخطيط المهمة التي توصلت إليها بحسب جهدي القاصر.
جاء في دليل مفاهيم الإشراف التربوي الذي تصدره وزارة التربية والتعليم في تعريف التخطيط التربوي ما يلي: (هو عملية اختيار أفضل البرامج والنشاطات والإجراءات الواجب القيام بها لتحقيق الرؤى والأهداف التربوية، وتحديد كيفية الانجاز، وتعيين الكوادر والإمكانات اللازمة للتنفيذ، ووضع معايير وآليات المتابعة والتقويم، في فترة زمنية محددة... ).
إن هذا التعريف يجمع كل جوانب الخطة التي تحتاج أن تضعها لتكون خطة ناجعة وأرجو عند وضعك لخطتك ملاحظة ما يلي:
1- احرص على أن يكون هدفك محدداً بشكل واضح، وعليك تجنب العموميات أو الأهداف الضبابية.
2- احرص على أن يكون الهدف مما يمكن قياسه بشكل واضح، وعليك تجنب الأمور الذاتية أثناء القياس.
3- احرص على أن يكون هدفك واقعيا يمكن تحقيقه.
4- حاول أن تشرك معك آخرين في الالتزام بتحقيق أهدافك.
5- قسِّم أهدافك على فترات زمنية مناسبة.
وأهداف الخطة للمشرف التربوي لابد أن تتضمن العناصر التالية أو بعضها:
1- رفع كفاية المعلمين المهنية.
2- رفع قدرات المعلمين التربوية.
3- تطوير المناهج الدراسية.
4- تحسين البيئة المدرسية.
5- إكساب المعلمين والمديرين الخبرات المتميزة الجديدة.
6- تقويم العملية التعليمية تقويماً موضوعياً.
كما يجب أن تحدد للخطة مدة زمنية واضحة (سنوية أو فصلية أو شهرية أو أسبوعية) والمشرف التربوي حين يضع خطته عليه أن يلتزم بضوابط حتى تؤتي خطته ثمارها بشكل مفيد ومن هذه الضوابط:
1- أن تكون خطة المشرف نابعة من تحليل نتائج المعلومات، والبيانات التي يحصل عليها من مجالات الإشراف التربوي والإدارات الأخرى.
2- عند تطوير القدرات يجب أن تلبي الخطط حاجات المعلمين والمنهج والبيئة.
3- أن تكون أهداف الخطة واضحة ومرتبة حسب الأولويات التي يظهرها تحليل الواقع والتصور المستقبلي.
4- اختيار الوسائل، والأنشطة، والإجراءات المناسبة - والممكنة - لتحقيق الأهداف.
5- أن تكون خاضعة للتجريب لتثبت كفايتها دون استعجال النتائج مع وجود بدائل مناسبة.
6- أن تتضمن إجراءات لتقويم النشاطات وفق معايير محددة ضمن الخطة.
7- أن تجزأ الخطة إلى سنوية وفصلية وشهرية وأسبوعية.
وعند وضع الخطة فإنها ستمر بمراحل متتابعة يبنى التالي على السابق وهذه المراحل على النحو التالي:
1- مرحلة جمع البيانات وتحديد مصادر المعلومات.
2- مرحلة تنظيم البيانات.
3- مرحلة وضع الخطة.
4- مرحلة التنفيذ.
5- مرحلة التقويم.
إن قدرة المشرف التربوي على التخطيط بشكل جيد سينعكس أثره على الميدان بجميع مكوناته وإن كان ذلك سيتجلى بشكل واضح في المعلم والطالب إذ أن تقدم المعلم هو الثمرة الحقيقية لجهد المشرف التربوي وتبعا له سيظهر الأثر على الطلاب لأن ذلك هو الثمرة الحقيقية لجهد المعلم؛ لكن هذه المظاهر تحتاج إلى وقت لتظهر في سلوك المعلم وبالتالي الطالب.
وأظن جازما أن ما قلته عن الجوانب التخطيطية سينعكس أثره على الجوانب الإدارية والتنشيطية والتدريبية والبحثية والتقويمية والتحليلية والابتكارية؛ كما يمكنك أن تلمسه في المجالات التي تخص الإدارة المدرسية والمبنى المدرسي والوسائل والتجهيزات المدرسية والطالب والمعلم والنشاط.
ولضخامة هذه المسئولية فإني أرى أنه ليس صحيحًا ولا حكيمًا أن يُطالب المشرف التربوي وحده بالنهوض بهذه المهام بشكل فردي وعشوائي يعتمد على المحاولة والخطأ في وزارة تجاوز عمرها نصف قرن ولها رصيد ضخم من الخبرة وفيها من الرجال الأكفاء ما نفاخر به الآخرين. وحتى ذلك الوقت الذي نرى فيها التخطيط يسير بطريقة صحيحة وسليمة أستودعكم الله.
كتبه خالد بن محمد الشهري
مشرف علم النفس بتعليم المنطقة الشرقية
للتوسع راجع:
• كتاب القيادة التربوية للإشراف التربوي للأستاذ/ جمال إبراهيم القرش.
• تطبيقات في الإشراف التربوي د. أحمد عايش.
• المدير المتميز خطوات عملية لمدير المدرسة خالد محمد الشهري.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/1006/59455/#ixzz2eKF1k0mZ
0 التعليقات :
إرسال تعليق