ياوزارة التعليم هل يكفي إعفاء مسئولي المناهج؟
خطأ صورة الكائن الفضائي في كتاب الدراسات الاجتماعية والوطنية الذي وزعته وزارة التعليم على الطلاب ولم تكتشف الخطأ إلا بعد تداول الصورة في وسائل التواصل الاجتماعي مما عُبر عنه بالفضيحة حسب المتداولين كونها تمس رمزا من أهم رموز المملكة والعرب والمسلمين!!
الوزير أمر بسحب الكتاب مباشرة وقدم اعتذار الوزارة وتراجعها عن ذلك الخطأ الفادح ووعد بالتحقيق..
وقبل بدء التحقيق والبحث عن المتسببين قام الوزير بإعفاء وكيل الوزارة للمناهج وجميع المسئولين عن المراجعة والاعتماد للكتب ، وهذه من وجهة نظري غلطة أخرى لا تقل عن سابقتها!!
وفي اعتقادي أن الموضوع أكبر وأبعد من كونه إعتذار .. وإعفاء ..
أضف لذلك أن الكتاب ستعاد طباعته وهذا يكلف الدولة كثيرا لا سيما وهو لن يفيد أصلا في تغيير الصورة الذهنية السلبية عن هذا الموقف لدى الطلاب ولدى المجتمع كله، وكان يمكن تغييره بطباعة صورة صحيحة على ملصق وتوزيعها على الطلاب لإلزاقها على الصورة الخطأ وبهذا يشعر الطالب أنه شريك في عملية تصحيح صورة رمز من رموزه الوطنية.
فإذا هنا خطأ نشأ عنه أخطاء لافتقاد الوزارة لفن التعامل مع الأزمات ولتناول جميع المشكلات بصورة شخصية وهذا يتكرر كثيرا.
وإني لأعجب كيف تحول وكيل الوزارة للمناهج بين عشية وضحاها من شخص مسئول محلا للثقة وأهلا للمسئولية إلى شخص يجب أن يتحمل الخطأ وحده لتلميع صورة الوزير وفوق هذا تشن عليه حملة ظالمة في وسائل التواصل الاجتماعي ليتهمه بعض من لا خلاق له بأنه إخواني في سلوك سافر وغبي لتلميع آخرين !!
ويتم استخراج تغريدات قديمة له لإثبات ذلك في سلوك أشبه ما يكون بتهم الأطفال الغبية !
والدكتور الحارثي وكيل الوزارة للمناهج لا أعرفه شخصيا وحقيقة لم أعرف اسم منصبه إلا بعد هذه الحملة السيئة ، وسؤالي لأولئك المغرضين الذين يشنون حملتهم عليه : هل تظنون أن الدولة تعين وكيلا للوزارة وهي لا تعرف سجله وتاريخه وانجازاته ؟!
وعودا على بدء
كيف حدث هذا الخطأ ؟
وكيف تجاوز لجان التدقيق المسؤولة عن مراجعة المناهج؟
وجوابي بكل بساطة حقيقة لا علم عندي عن آلية التأليف والمراجعة إذ ليس هنالك أنظمة وقواعد معلنة لها ووزارة التعليم أبعد ما تكون عن العمل المؤسسي ،
و ما أعرفه عن طرق العمل في أروقة الوزارة أنها تعتمد بالدرجة الأولى على المعارف الشخصية وليس بناءا على الكفاءة ولهذا فمثل هذا الخطأ متوقع لعدم توفر الكفاءة والتخصص في إسناد المهام واعتمادها على ما يشبه نظام الشللية والمعارف الخاصة..
وهذا النوع من العمل يتواكل فيه كل شخص ويحاول أن يتخلص من المهمة لأنه غالبا غير متمكن ولا مختص فيها فيلجأ للهروب ليقوم بها في النهاية أطيبهم قلبا وأضعفهم عن قول لا وأكثرهم مجاملة..
وبرغم فداحة هذا الخطأ إلا أنه ليس مستغربا على أخطاء الوزارة الأخرى..
والهدر المادي الذي سيحدثه يوجد هدر أكبر منه في أعمال الوزارة الأخرى..
لأن المشكلة تكمن في بنية الوزارة وأنظمتها وأهدافها وهيكلتها الإدارية فهي قديمة جدا وبعض أجزائها متكلسة وأحيانا متعارضة في الأهداف..
كما أن كبار المسؤولين غير مهتمين كثيرا بتجويد العمل الرئيسي بقدر اهتمامهم بتحقيق إنجازات ونجاحات شخصية! والمشكلة أن كثيرا منها غير تربوية..
ولذلك فإن قضية الخطأ في الكتاب المذكور وماسيترتب عليه من تكلفة مادية هو عرض واحد من ضمن أعراض كثيرة تدل على المرض الإداري في رأس الهرم التعليمي..
وكالعادة سيبحث المسئول عن كبش فداء لتبرير هذا الخطأ الفادح، وليس بعيدا نسبته إلى فاعل مدعوم من تيارات أخرى وبلاد أخرى كما سبق للوزير أن رد به على من انتقد أخطاء الوزارة..
ولهذا فإننا لا نعول كثيرا على عملية إصلاح التعليم من داخل الوزارة مادام أن هذه طريقة فهمهم لمن يخالف قراراتهم غير التربوية وأخطائهم الواضحة..
وقد قلت ذلك لبعض الصحفيين عندما سألني عن رأيي قبل صدور أي رد من الوزير أو الوزارة في بداية المشكلة ، وصدق توقعي وهو لا يحتاج إلى ذكاء فهذا ما تعودناه من سلوك الوزير والوزارة من قبل..
وقد ذكرت شيئا من ذلك تحت وسم "كلنا مع تطوير التعليم" في تويتر في قرابة 200 تغريدة في بداية العام الدراسي..
وذكرت جوانب أخرى تحت وسم زيادة ساعات اليوم الدراسي في تغريدات عديدة..
ماذا بقي ؟
بقي أن نتذكر المثل القديم "لن يستقيم الظل والعود أعوج"
كتبه
خالد بن محمد الشهري
مستشار نفسي تربوي
وأخصائي تقويم التعليم
0 التعليقات :
إرسال تعليق