ما أقبح النكران

يعيش المرء حياته في طمأنينة حتى يصدم بناكر للمعروف ، فيشعر بمشاعر لو كانت بالصم الرواسي لصدعتها ، وليس في ذلك عجب فإن الله عز وجل جعل الدنيا دار ابتلاء وفيها فنون البلاء  ، لكن العجيب في  أطوار هذا الزمان  أنك لو حزنت على شيء فقدته -لربما لا تتجاوز قيمته دريهمات معدودة يخلفها الله عليك فيما بعد -لم يعتب عليك أحد ولم يحاجك فيه أحد ، بل ربما وجد لحزنك عذراً ومسوغاً .

أما إن حزنت على عمر مضى ومحبة ضاعت ومهجة أذبتها لمن خلته ذات يوم حبيباً حتى جاء  يوم جدّت فيه المطامع وتزخرفت له الدنيا فإذا به يقلب لك ظهر المجنّ وكأنه لم ير منك خيراً قط ولقيك بما تكره من النكران فضيّع الصنيعة ووأد العاطفة حتى كان بطن الأرض أحب إليك من ظهرها ، وأمواتها أحبّ إليك من أحيائها ، و أنت على هذه الحال تجد من يعاتبك على حزنك وربما كان قد عذرك من قبل لمّا فقدت لعاعة من الدنيا ، وهو اليوم جاء لينهاك عن حزنك على فقد من كنت تعده لريب الزمان وعددته يوماً في جملة الأحباب و الإخوان !!

أليس هذا عجيباً أن يعذرك العاذر حين تحزن على فقد الدنيا ولا يعذرك حين تفقد روح الدنيا ، وهل تصلح الدنيا بغير الأهل والأخوان ؟؟وهل الأحبة إلا روح الدنيا ؟؟

آه ما أقسى النكران ! وما أصعب الخذلان!! ووالله لولا أن الله الكريم بلطفه ومنّه لم يربط على القلوب لتفطرت أكباد ، ولولا أن الله عز وجل يكافىء على الصبر الجميل ويأجر على كظم الغيظ لكانت أحوال وأحوال !!

فبشراكم أيها الصابرون على النكران والناكرين:

قال الله تعالى :( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس )

وقال عز من قائل :( وإن تعفوا وتصفحوا فهو خير لكم )

وقال تعالى:( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)

وقال نبينا صلى الله عليه وسلم :( من كظم غيظاً وهو قادر على إنفاذه دعاه الله على رؤوس الخلائق فخيره من الحور العين )

وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال : ( أما والله لولا الإسلام لكان من رجال غير ما ترون ) إشارة إلى سكوت بعض الرجال عن حقوقهم ديانة وحسبة لا خوفًا ووجلاً .

فكونوا منهم يكن الله لكم.

والله يتولى الصالحين...

                                                               كتبه 

                                                   خالد بن محمد الشهري

 http://www.paliraq.com/news.aspx?id=3403   الصورة عن موقع