ـ هنا خلاصة دراسة لجون هيتي المطولة التي استمرت لمدة خمسة عشر عاماً تتبع فيها خمسين ألف دراسة سابقة ووصل من خلالها إلى ضمن نتائجه إلى مواصفات للمعلم الجيد؛ انقلها هنا مختصرة عن كاتبها أسامه أمين *.
وأؤكد أن كل ما سيرد فيها قد وصل إليها خبرائنا التربويون العاملين في الميدان التربوي المحلي والأقليمي ونقلها من باب الفائدة وزيادة الثقة في النتائج المتوافرة بين أيدينا وذلك أن ما ورد فيها يؤكد ما يردده كثير من خبرائنا الذين يسعون لإصلاح التعليم. والتي تتركز على إصلاح المعلم ليصلح التعليم فكل جهد يُبذل لتدريب المعلم واعطاءه حقوقه بشكل كامل سيجعله يقوم بواجباته على الوجه الأمثل وحتى ذلك الحين فلنأخذ جولة في يوميات المعلم الجيد.
ينقل الكاتب عن هيتي : أن الثلاث سنوات الأولى من العمل في التدريس هي أهم سنوات في عمر المعلم، لذا فإن المعلم الجيد يتعامل معها كدورة تدريبية تطبيقية لصقل مهاراته، ونحن نلحظ أنه ما من معلم إلا ويعتقد يقينًا أنه يجيد الشرح، حتى ولو كان عجزه ظاهرًا للعيان وهذا سبب استمرار المشكلة وبقاء أداء المعلم دون تغيير يذكر لسنوات طويلة.
ـ ولابد أن نؤكد على أن وظيفة المعلم قابلة للتعلم بعدة شروط :
توفر المرونة.
القدرة على الاعتراف بالقصور.
الانفتاح على ما هو جديد.
الاستعداد المستمر للتعلم.
ولو قدر لك الجلوس في غرفة المعلمين لوجدت أن أهم الموضوعات المحببة في الكلام لدى المعلمين : الطلاب ومحتوى المناهج والاختبارات وكرة القدم. أما طريقة التدريس التي يتبعها كل واحد منهم، فإنها غير واردة على الإطلاق تقريباً في أحاديثهم، وهذا نقص شديد في مصدر مهم من مصادر تبادل الخبرات.
وهنا سنختصر بعض المحاور العامة لمهنة التعليم لعلنا نسهم في وجود المعلم الجيد.
ـ المهارات الشخصية :
صحيح أن المعلم الجيد لا يستطيع تغيير مستوى الذكاء عند الطلاب لكنه يقدر بالتأكيد على تغيير طريقة تدريسه لتحقق أفضل النتائج، وهذا يعني أن المعلم الجيد يشعر بالمسؤولية تجاه طلابه، ولذا فهو يقوم باختبار جودة دروسه مرة بعد مرة، ولا يعتقد بأنها مثالية، ولا يبحث عن مبررات خارجية للنتائج السيئة لطلابه، وإذا رأى المعلم أن طلابه غير قادرين على الاستفادة من دروسه عدل في طريقته لتناسبهم.
والمعلم الجيد لا يضيع وقتًا في الأمور غير الهامة، مثل إصرار بعض المعلمين على عدم البدء في الحصة حتى يجلس جميع التلاميذ مثل الأصنام، وهو يدرك تمامًا رد الفعل الصحيح على الإزعاج الذي يتسبب فيه أحد الطلاب، وبناءًا عليه يقرر هل يكون رد فعله حازمًا، أم ينهيه بمزحة مضحكة.
والمعلم الجيد هو الشخص الوحيد الذي يقرر مدى نجاح الحصة أو فشلها ودائماً يعتني بنشر مشاعر الاحترام والتقدير والشعور بالاهتمام بين طلابه.
المعلم الجيد يهتم بضرورة هيمنة مناخ من الثقة المتبادلة في العلاقة بين المعلم وطلابه، وكذلك بينه وبين زملائه.
المعلم الجيد يتأكد من وضوح صياغته لأفكاره، بحيث يفهم الطلاب ما يريده ولا يتهم طلابه بعدم القدرة على فهمه ويبدأ حصته بتوضيح الهدف من الدرس، وهو إنسان يجيد ترتيب أفكاره، ويمتلك حماسًا شديدًا لمادته، وفضولاً لمعرفة الجديد في تخصصه، وينقل لطلابه كل ذلك الحماس.
والمعلم الجيد دومًا في وسط الحدث، وفي محور الحصة ولا يهم هل يقف أمام الصف أو يستخدم الاستراتيجيات الحديثة المهم أنه يمتلك زمام الأمر دوماً، وهو ينطلق دومًا من رؤية الطالب ويسأل نفسه طوال الوقت : ماذا لو كنت مكانه ؟ وبعدها يحدد أنسب الطرق لتحقيق أفضل النتائج لعملية التعلم.
والمعلم الجيد يخلق مناخًا غير معاد للأخطاء أي أن ينظر إلى خطأ الطالب كفرصة جيدة لترسيخ معلومة، ويدعوه خطأ الطالب إلى أن يعيد المعلم تقييم طريقته في الشرح.
المعلم الجيد يهيمن على الصف ويتابع كل صغيرة وكبيرة ويتحمل المسؤولية عن طلابه ولا يكتفي بأن يكون مستواهم متوسطاً ويسعى ليرتقي بمستواهم جميعاً.
والمعلم الجيد يبث في طلابه روح التحدي والرغبة في بلوغ القمة، وعدم الاكتفاء بالحد الأدنى فقط، ويمنحهم الشعور بالثقة في أنفسهم وفي قدراتهم.
والمعلم الجيد يهتم بالتغذية الراجعة ومن خلالها يعرف هل وصلت الرسائل التي أراد نقلها لطلابه بالطريقة الصحيحة، أم أنهم فهموها بطريقة مختلفة.
والمعلم الجيد يعطي طلابه الحق في أن يقدموا له اقتراحاتهم في كيفية تحسين طريقته، وتطوير مستوى أدائه، وتغيير أدواته لتحقيق أهداف التعلم ويأخذ أرائهم بجدية كاملة، ولعل مما يؤثر على فاعلية التغذية الراجعة أن غالبية المعلمين يخلطون بين التغذية الراجعة وبين الدرجات ولذا فإن المعلم الجيد لا يخلط بينهما.
والمعلم الجيد يفهم معنى التحفيز واستثارة الدافعية ويعرف جيداً أن المدح وحده لا يعتبر الطريقة المثلى لمساعدة الطالب على الارتقاء بمستواه، لهذا فإنه يستخدم وسائل التعزيز المناسبة.
والمعلم الجيد لا يركز على النتيجة التي وصل إليها الطالب بل يرجع إلى نقطة البداية كيف تعامل الطالب مع مهمته وأين أصاب وأين بدأ يقع في الخطأ.
والمعلم الجيد يتحدث مع الطالب بطريقة موضوعية تركز على مضمون الدرس وليس على شخص الطالب، ويكتب لطلابه تعليقات مفيدة ومعززة في دفاترهم.
المعلم الجيد المعلم الجيد يحرص على خلق مناخ يشجع الطالب على التجربة، والوقوع في الخطأ، دون أن يخاف من أي عواقب سلبية عليه.
والمعلم الجيد يعلم أنه لم يبلغ الكمال في الشرح والتحضير، ويسأل نفسه إذا كان قادرًا على تطوير أسلوبه، وتحسين طريقته، وعن جوانب القصور لديه.
المعلم الجيد يضع نفسه مكان طلابه، ويسأل نفسه عما إذا كان قادرًا على الاستفادة من هذا الشرح، أم أنه سيجد صعوبة في فهم هذه النقطة أو تلك.
المعلم الجيد يحسن تقييم المستوى الفعلي لطلابه، فلا يشرح لهم بطريقة تفوق مستواهم بكثير، أو تكون دون مستواهم.
المعلم الجيد يكشف مستوى طلابه من خلال النقاشات بينهم حول الطريقة التي يتبعونها في الحل ويسمعهم وهم يفكرون بصوت عال ويقيس نتائج عمله بدقة.
المعلم الجيد يستخدم استطلاعات رأي لطلابه تحتوي على أسئلة عن فهمهم واحتمالات الإجابة المختلفة، بحيث لا تأخذ من وقت الحصة أكثر من دقيقتين.
يا ايها المعلم الجيد يقول علي بن أبي طالب : قيمة كل امرء ما يحسنه، فهلا أحسنت مهنتك لتزيد قيمتك ؟
وتقبل تحياتي.
كتبه خالد بن محمد الشهري
مشرف علم نفس بتعليم الشرقية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبتصرف عن مقالته في مجلة المعرفة عدد 225 .
0 التعليقات :
إرسال تعليق