يوجد كثير من العرب
مفتونين بنظرية الداروينية وهذا شأنهم ؛ والإسلام لم يعاد يومًا من الأيام العلم
الصحيح ولم ينصب عداوة بينه وبين العقل في أيّ يوم منذ ظهر وآيات القرآن
شاهدة على ذلك وآثار علماءه باقية يمكن
الوصول إليها.
دعك من الجهلاء إنما
نتحدث عن العلماء الذي أحاطوا بالعلم وهذه كتبهم تملأ المكتبات.
وقد لاحظت من خلال
النقاشات مع بعض من يدعون الإلحاد من شباب العرب ويتبنون الداروينية و يؤمنون بها ويرون أنها هي الحق وأنها سبب
للوصول إلى الحقيقة ؛ لهذا فإني سأناقشهم في نظرية الداروينية وكيف تثبت أن القرآن
الكريم معجزة كما تثبت صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقبل أن نبدأ دعونا
نحدد المقصود بالقرآن الكريم وبالنبي صلى الله عليه وسلم وبالداروينية.
1-القرآن
الكريم هو كلام الله عزوجل الذي نزل به الروح الأمين جبريل عليه السلام إلى محمد
صلى الله عليه وسلم ليبلغه للناس وهو رسالته إلى الخلق أجمعين وهو معجز في لفظه
ومعناه.
2-النبي محمد
صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء الذين بعثهم الله عز وجل إلى خلقه بشيرًا
ونذيرًا وآتاه عددًا من المعجزات كانت أعلاها معجزة القرآن الكريم.
3-الداروينية
وهي مصطلح يطلق على مجموعة حركات و مفاهيم فلسفية و اجتماعية.وقد قامت على نظرية
تشارلز دارون وخلاصة الداروينية أن داروين يرى في نظريته أن الكائنات تتطور على مر
الأجيال وكان عنوان كتابه في نسخته الأولى :(في أصل الأنواع عن طريق الانتقاء
الطبيعي - أو بقاء الأعراق المفضلة في أثناء الكفاح من أجل الحياة) و من أهم
أفكاره ما يتعلق بالتطور والاصطفاء الطبيعي.
كل ذلك كان تقديمًا
لنبدأ في وصف كيف أن الداروينية تشهد على صحة القرآن وصدق النبي صلى الله عليه
وسلم.
الداروينية فكرتها
الكبرى على التطور والارتقاء والانتقاء والإصطفاء الطبيعي والبقاء للأصلح حيث ترى
أن الأعراق والأنواع تتصارع فيما بينها مع ظروف الحياة والطبيعة وفي النهاية
تتلاشى تلك الأنواع التي تعجز عن التكيف ومسايرة ظروف الحياة من حولها.
وهنا لنا أن نسأل وقد
مضى على بعثة النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ألف وأربعمائة سنة وقد واجهت فيها
دعوة النبي صلى الله عليه وسلم العداوة والحرب والطعن في رسالته وتكذيبها منذ بعث
وحتى توفي واستمر هذا العداء لدينه حتى اليوم.
وقد بين عليه الصلاة
والسلام أن القرآن الكريم هو معجزته الكبرى وتحدى الآخرين أن يأتوا بمثله فلما
عجزوا.. تنازل لهم ليأتوا بعشر سور مثله ..فلم ينجحوا..
فتنازل لهم ليأتوا
بسورة مثله وأعطاهم إمكانية أن يجمعوا الجن والإنس وكل من أرادوا فلم يستطيعوا !!.
وكان كل هذا في حياته
حيث لم ينجحوا في كسب التحدي ؛ لكنه جعله مستمرًا حتى بعد موته وحتى قيام الساعة ؛
ومع مرور 1400سنة إلا أن التحدي مازال على حاله.
ووفق الداروينية
والتطور والارتقاء كان يفترض أن يوجد مع مرور هذه القرون شخصٌ ولو كان واحدًا يبلغ
تطوره وارتقاءه درجة توازي أو تقترب من محمد صلى الله عليه وسلم على الأقل في
بلاغته وقدرته على تأليف سورة واحدة ؛ لكن هذا لم يحدث حتى الآن فلماذا؟!
الجواب عند المسلمين
معروف سلفًا لكن هل يستطيع الداروينيون أن يجيبوا عليه؟
نحن لا نريد شخصًا
يكتمل في تطوره وارتقاءه ليصل إلى درجة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في جميع
صفاته فهذا مستحيل؛ ولكننا نريده فقط يصل إلى درجة من البلاغة لينظم لنا سورة
واحدة ؛ واحدة فقط ولو من قصار السور!!.
فإذا لم يحدث هذا
فإننا سنقول أن هذا دليل على أن محمدًا صلى عليه وسلم وصل إلى أعلى درجات التطور
والاصطفاء لكننا ننسب هذا الاصطفاء إلى الله عز وجل وليس إلى صراع الأنواع.
وما ينطبق على النبي
صلى الله عليه وسلم ينطبق على القرآن الكريم فكم واجه من الأعداء الذين قالوا هو
أساطير الأولين وقالوا إنه منقول عن كتب أهل الكتاب فأين هم ؟ ومن هم؟ إنهم لا شيء
ولا أحد يعرفهم !!.
ووفق نظرية
الداروينية فإننا نجد أن القرآن الكريم في علو وزيادة فكم حفظه من حافظ وكم درسه
من دارس وكم من علم نشأ للبحث في علومه وكم من مدرسة وجامعة قامت لخدمته طوال هذه
القرون.
بل إنه انتشاره في
تطور وارتقاء واصطفاء حتى ظهرت له ترجمات إلى كل اللغات الحية وكثر أتباعه ومن
يقدسه ومع حال ضعف المسلمين الراهن وما يمرون به في الواقع العالمي إلا أن القرآن
الكريم هو أكثر الكتب انتشارا.
وحفظته بالروايات
العشر يزيدون ولا ينقصون ؛ وكتب التفسير كل يوم في إزدياد.
والقرآن الكريم هو
المرجع الأول للمسلمين في كل بحث ودراسة.
ولم يقف عند هذا
الحدّ بل في كل يوم يدخل الإسلام بسبب القرآن الكريم العشرات من كل أقطار العالم
ومن الغربيين الذين وصلوا إلى أعلى درجات الحضارة ؛ ويعجز المرء في عدّ من يدخله
من علماء الغرب بعدما يتعرفون جيدًا على القرآن.
بل إن دولة مثل
بريطانيا أعلنت مؤخرًا أن أكبر أقلية فيها هم المسلمون وثاني لغة من حيث الاهتمام
فيها هي اللغة العربية لغة القرآن.
واللغة العربية هي
الرابعة على مستوى العالم الآن. وقد تغيرت تعبيرات جميع اللغات المستخدمة في
العالم وبقيت العربية كما هي منذ عصر
النبي صلى الله عليه وسلم.
أليست هذه وفق
الداروينية دليلاً على أن القرآن هو أصلح الكتب وأقدرها على البقاء؟
من هنا أقول إن
الداروينية تشهد على أن القرآن الكريم حقٌ وأن النبي محمدٌ صلى الله عليه حقٌ وأن
ما جاء به الصدق ؛ ولا عزاء للملحدين.
كتبه
خالد بن محمد الشهري
مشرف علم نفس بتعليم المنطقة الشرقية
ليلة عيد الفطر المبارك 1436هـ
0 التعليقات :
إرسال تعليق